تمر بنا الأيام ونحن سائرون فيها ، تودعنا في يوم ونستقبلها في يوم آخر ، إن الأيام في مجموعها هي الحياة كما قال الشاعرأحمد شوقي حيث وصف الحياة بأنها دقائق وثواني ، ولعل أكثر مايجعلنا سعيدين في هذه الحياة عندما تتحقق أمانينا وأيضا عندما نجني ماعملناه طوال أعوام وشهور ، وفي زحمة هذه الحياة وأثناء إنشغالنا بأعمالنا وواجباتنا تواجهنا أحيانا بعض الصدمات التي لم تكن في الحسبان ، هذه الصدمات لم نكن نتوقع أنها تحدث لنا في يوم من الأيام ليس لأنها غير واردة فكل شيء مقدر ولكن مايجعلنا نتفاجئ أو ( ننصدم ) بها هي أنها تأتي في وقت لربما هو أهم الأوقات لدينا ، حيث قد تكون هذه الصدمة مثلا لشخص يستعد لحفل الرفاف وقد تجهز له منذ شهور ولكن يفاجئ قبل بضعة أيام من الزواج بحادث عابر كحادث سيارة أو إصابة رياضية تسبب إصابة خطيرة مثل إصابة الكسورفي العظم قد تجعله لايمارس حياته الطبيعية لفترة ليست بالقصيرة وقد تصل لثلاثة أشهروأكثر ، والأمر نفسه قد يحصل للموظف الذي ابتدأ مسيرته في تلك الوظيفة التي سعى لها سعيا حثيثا وإجتاز ماتحتاجه الوظيفة من الإختبارات المهنية التي تكلف الآلاف واستجمع سنين الخبرات ثم في بداية مشواره الوظيفي الجديد وتحديدا فيما يسمى في عقود العمل ( فترة التجربة ) يبدأ تلك البداية مستبشرا بمستقبله بالوظيفية واضعا نصب عينيه الفترة القادمة من مشواره الوظيفي وكيف له أن يتطور ويتحسن ، في هذه الفترة المهمة والتي يصعب أو يستحيل أن يفرط إنسان بها إذ يفاجئ بتلك الصدمة وتلك الإصابة الخطيرة أثناء فترة التجربة ، تلك الإصابة التي كانت مابين منظرأهله وأصدقائه ، إصابة في العظم جعلته مبتعدا عن حياته الطبيعية مدة شهرين أو أكثر ، وهذا ماحصل مع كاتب هذا المقال . كانت هذه الصدمة التي واجهتها خلال الثلاثة أشهر الأولى تساوي المصاعب والآلام التي واجهتها خلال ثلاثة عقود ، ثلاثة شهور لكنها كثلاثين سنة ، كانت ظروف إستثنائية ، حيث أن الإصابة كانت في الكتف الأيمن وهذا مازاد الصعوبة لأن الإنسان يستخدم اليد في أكثر أنشطته اليومية ، ففي عمله يستخدم الحاسوب ، وعند قيادة السيارة وعند اللباس وعند تناول الطعام وعند المصافحة يستخدم يده أيضا ، لقد أثرت تلك الإصابة في مسيرة العمل والواجبات الوظيفية ، فعندما لايستطيع الإنسان الحضور لبيئة العمل يكون قرار الإستغناء عنه طبيعيا . كانت صدمة قرار الإستغناء لاتقل عن صدمة الإصابة والآمها ، لم يكن يُتخيل في يوم من الأيام أن تمر تلك الظروف في أهم فترة في عمر الإنسان الوظيفي. لكن هذه هي الحياة ، يجب علينا أن نتقبلها وأن نعلم أن ماقُدر لنا ولجميع الناس فهو خير.

ومادام أننا نتكلم عن الصدمات فإنه من المهم أن نستذكر آثار تلك الصدمات في الإنسان ، أصعب تلك الآثار هو مايتعلق بالحالة النفسية خصوصا عندما يصل الشخص إلى مرحلة اليأس كمن يتملك مزرعة ويجمع البذور ويسقيها بالماء لسنوات ثم عندما يحين موعد الحصاد المنتظر بعد سنوات تأتي آفة تفسد جميع المزروعات ، وهذا الامر يجعل ذلك الشخص يصاب باليأس والإحباط ، فمن المهم أن يتمالك مشاعره وأن يكثر من التعلق بربه وخالقه، وذلك من خلال الصبر ثم الصبر لما له من راحة وطمأنينة للنفس .