يمكن تشبيه الفساد المالي والإداري بالـ(سوسة) التي تنخر في أي عمل بشكل خفي، والتي تقلل من إنتاجيته وتدمره على مراحل، طبعاً وجوده يختلف من عمل إلى آخر وبدرجات مختلفة، تطل علينا بين فترة وأخرى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) بقضايا فساد في قطاعات حكومية مختلفة، جاء في أغلبها الاستيلاء ونهب المال العام بطرق تحايل متعددة، لو أمعنا كثيرا في هذه القضايا لوجدنا أنها في العادة تأتي أولاً على خلفية قبلية ثم عائلية أو قرابة أو صداقة، وثانياً تبادل مصالح، وهذه تكون أشنع إذا كان فيها أفراد من خارج الوطن.

العبارات والكلمات التي تسمعها من وقع في هذا (الفساد) والاستفاد منه شيء يثير الاستغراب والدهشة (أنت لا تعرف من أين تؤكل الكتف) (لا توجد لديك علاقات قوية) (يامن نفع واستنفع).

إذا عدت إلى صلة القرابة -وهذا هو الأهم- فهناك جيل كبير هم نتاج هذا الفساد المالي والإداري، الذين حصلوا على أعمال هم غير جديرين بها، ولا يستحقونها لضعف تعليمهم وثقافتهم، ويعتبرون عالة على العمل وإنتاجيته. (المضحك والمستهجن أن تجد من يسدي النصيحة من هو واقع في وحل هذا الفساد لغيره، ويظهر النقد له بأسلو ب بعيد عن الوازع الديني)، الذي يقول فيه الرسول صل الله عليه وسلم (لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى به).


بوادر التضييق على الفساد ومحاصرته لعظم أثره في التطور بدأت تأتي ثمارها من خلال المعاملات الإلكترونية، وكذلك ملاحقته الجادة من قبل (نزاهة)، يضاف إلى هذا -والتي سوف تحد منه بشكل كبير وخاصة في المجال الإداري - هي (الخصخصة) التي تبحث عن الجدارة الحقيقية المستحقة لطبيعة العمل ومجاله.