( فهد بن عبدالله بن محمد بن دليم ) .. لم يكن شيخ شمل لقبيلتين عريقتين ( قحطان ، ووادعة الجنوب ) فحسب بل كان شيخ شمل قلوب أبناء كل قبائل الوطن الذين تقاطروا على مقر العزاء في الرياض ، وفي قصره بمحافظة الحرجة . فخلال أيام العزاء .. توافدت أمواج بشرية من قبائل قحطان ووادعة الجنوب ، ومن قبائل المملكة كافة ... ولعمري أنها خبيئة لأبي خالد رحمه الله عند ربه ، فمن أحبه الله أحبه الناس .. ولا نعدم من بين آلاف المعزين نفرا ليس بين دعوتهم والسماء حجاب ، يدعون للفقيد ... فالراحل الكبير عرف بتدينه ، وقربه من الله ، تقي نقي .. دمعته قريبة عندما يسمع ذكر الله ... قضى حياته في الإصلاح بين الناس وعتق الرقاب .. يبذل الجهد والمال مبتغيا ما عند الله ... هزمه المرض وأقعده سنوات طوال ولكن لم يكسره ويهد من عزيمته، فقوة إيمانه هزمت المرض .. فكان وهو على فراش المرض في منزله بالرياض متواصلا دوما مع مجتمعه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .. وعينه ووكيله إبنه البار الشيخ عبدالله بن فهد بن دليم الذي رشحته أسرة آل دليم لمنصب والده ، يطلع والده على كل كبيرة وصغيرة .. ويتلقى منه التوجيهات والنصائح السديدة لحل كثير من القضايا القبلية الشائكة . رحم الله أبا خالد .. كان آخر تواصل بيني وبينه المعايدة في أول أيام عيد الفطر المبارك .. وكان صوته كما عهدته مترعا بالمودة يشعرك بقربك منه ... وهذه سجية في أبا خالد رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى في الجنة ... يشعر كل من يتعامل معه أو يتحدث معه بأنه الأقرب لقلبه .. تدخل مجلسه فيستقبلك بوجه وضاء ، وابتسامة حانية ، يشعرك بفرحته أنه رآك ... لقد كانت وفاته صدمة هزت القلوب والمشاعر .. ولكن لا راد لقضائه ولا نقول إلا ما يرضي الله ونصبر لهذا المصاب الجلل ونحتسب .. مؤمنين بأن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.

رحل أبا خالد المؤمن العابد عاشق الصف الأول في المسجد ... رحل أبا خالد المسكون بحب الوطن ، وولاة الأمر حيث تلمس ذلك في تفاعله مع الأحداث الوطنية وفي حديثه دوما بكل فخر عن المنجزات الوطنية ، وحديثه بكل فخر وحب وولاء عن ولاة الأمر أعزهم الله ، رحل ولن ترحل مآثره وسيرته العطرة .

الناس شهود الله في أرضه وما الأمواج البشرية من كافة أنحاء المملكة التي وفدت لمقر العزاء في الرياض ، ومحافظة الحرجة وهي تلهج بالدعاء له وتذكر محاسنه ، إلا ترجمة عملية لمكانة الفقيد الكبير بين قبائله وأطياف المجتمع السعودي كافة ... وتوجت هذه المكانة بتعزية سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله هاتفيا ، وتوافد أصحاب السمو الأمراء إلى مقر العزاء في الرياض والحرجة وكذا كبار المسؤولين في الدولة ، ناهيك عن عشرات الإتصالات من أصحاب السمو الأمراء الذين قدموا تعازيهم في الفقيد رحمه الله .. وهذا يكشف بجلاء ما يربط الشعب السعودي بالأسرة المالكة حفظهم الله .. من وشائج وصلات متينة هي بحق استثناء الظرف والعبارات .

وكما يقال بالدارجة : " من خلّف ما مات " فابناؤه البررة ( خالد ... عبدالله ... سعيد ... محمد ) يحملون إرث والدهم الراحل وإرث أسرة عريقة لها مكانتها لدى ولاة الأمر أعزهم الله فهم وهم يتقبلون العزاء يعزون كل من وفد عليهم فيه.

رحم الله أبا خالد وجعل ما أصابه من مرض عضال رفعة له في الدرجات وأسكنه الفردوس الأعلى في الجنة.