بشكل عام، إن التفاعل القائم على الهيليوم-3 يحتوي على نشاطية إشعاعية أقل بمقدار 50 مرة من تفاعلات الاندماج الحراري النووي المعتمدة على تفاعل الديوتيريوم مع التريتيوم. وبالتالي، فإن الميزة الرئيسية للهيليوم-3 لا تكمن فقط في قيمته كمصدر للطاقة، ولكن في سلامته البيئية شبه الكاملة. يتبادر إلى الأذهان سؤال في غاية الأهمية! وهو أين يمكن استخراج الهيليوم-3 بالكمية المطلوبة؟ كما ذكرت سابقًا، على كوكب الأرض يوجد هذا النظير، لكن بكميات قليلة بحيث لا يمكن الحديث عن استخراجها صناعيًّا. أصبحت حقيقة أن سطح القمر يحتوي على احتياطيات ضخمة من الهيليوم-3 معروفة منذ زمن عندما أُحْضِرَت العينات الأولى من تربة القمر إلى الأرض عن طريق المركبة الفضائية السوفيتية (لونا) ورواد الفضاء الأمريكيين ضمن برنامج (أبولو) تبين أن تركيز الهيليوم-3 في تربة القمر أعلى بـ 1000 مرة من تركيزه في باطن الأرض؛ بسبب تعرض سطح القمر للإشعاع الشمسي المنتظم لكونه غير محمي بغلاف جوي. وفقًا للتقديرات الأولية، يبلغ إجمالي احتياطي الهيليوم-3 على القمر حوالي المليون طن. هذه الكمية من النظائر ستكون كافية للبشرية لحوالي الألف عام القادمة. إن كفاءتها في استخدام الطاقة هي أن طنًا واحدًا من الهيليوم-3 يمكن أن يكافئ 20 مليون طن من النفط، مما يجعل من الممكن توفير طاقة إنتاجية تبلغ 10 غيغاواط من محطات الطاقة النووية خلال العام. ومع كل ذلك، وبغض النظر عن الحجم الإجمالي لاحتياط الهيليوم-3، فإن محتوى هذا النظير في التربة القمرية لا يزال صغيرًا جدًا، ويقدر بحوالي 10 ملغ لكل طن من الصخور. وبالتالي، لتلبية الاحتياجات البشرية نحتاج إلى 20 مليار طن من فتات الصخور سنويًا. في الوقت الحاضر، عندما يُعتبر نقل بضع مئات الكيلوغرامات من المعدات إلى القمر إنجازًا عظيمًا، فإنه يُنظر إلى معالجة مليارات الأطنان من تربة القمر على أنها مشروع في غاية الروعة. لذلك، لن يكون قرار نقل تربة القمر إلى الأرض صائبًا، ولكن تنظيم دورة تعدين متكاملة (من الاستخلاص إلى التخصيب) على سطح القمر نفسه هو الخيار الأفضل من أجل الحصول على المنتج النهائي من الهيليوم-3. أما بالنسبة للجانب التقني للموضوع، فالتقنية الراهنة والتطور الكبير لعلوم الأرض كافٍ للبدء في تنظيم عملية نقل جزئي من التعدين إلى سطح القمر. بالطبع، ستستغرق هذه العملية سنين عديدة، لكن كلما بدأنا مبكّرًا كلما أسرعنا في الحصول على النتائج المرجوة. المرحلة التحضيرية يجب أن تشمل أعمال الاستكشاف والاختبار الجيولوجية، والتي يجب إجراؤها كجزء من العمل البحثي العام على سطح القمر. كما يجب أن تتركز الأبحاث في المقام الأول على دراسة الهيكل الداخلي للقمر، والحصول على بيانات عن التركيب الكيميائي لوشاح القمر السفلي، وكذلك تحديد حجم نواة القمر.
وأخيرًا يبقى إنشاء مفاعل حراري نووي يستخدم الهيليوم-3 كوقود، يحتاج إلى طاقة أعلى بثلاث مرات من الطاقة المستخدمة في مفاعلات الاندماج الحراري النووي المعتمدة على تفاعل الديوتيريوم مع التريتيوم. إذا أخذنا في عين الاعتبار أنه من اللحظة التي اكتشفت فيها التفاعلات النووية إلى لحظة إنشاء أول مفاعل اندماج نووي حراري (ITER)، استغرقت البشرية ما يقارب الخمسين عامًا، إذن يمكن افتراض أن إنشاء مفاعل الهيليوم-3 سيستغرق وقتا كافيًا، وليس بالقريب العاجل.