عندما أقول لك كافور الأخشيدي فحتمًا سيرتبط اسمه بمصر، كذلك عند ذكرك للحجاج بن يوسف الثقفي ستتوجه بوصله تفكيرك للعراق، ولذلك لزامًا علينا أن نوثق السيرة المكانية لشعراء وأمراء ونقاد المملكة العربية السعودية، فلدينا كم هائل حقًا من الشعراء والمفكرين استوطنوا بلادي منذ قديم الأزل، ولا ضير في توثيق أماكن تواجدهم ومنازل قبائلهم ومضاريها، وذلك حفظًا للتاريخ، عطفًا على ما سبق قد يلتبس لدى القارئ، ويقول بعد ما يقرأ المانشيت السابق: «أين عنترة الفوارس؟ ولماذا لم يوثق؟»، فأجيب عليه وأقول: إن صخرة عنترة مازالت شامخة في عيون الجواء، موثقةً في المناطق التاريخية والسياحية لدينا، ولكن المقصود بهذا التوثيق هو توثيق مكاني وليس توثيق عمراني، أو توثيقًا لمعلم تاريخي، فالتوثيق المكاني هو معرفة مكان نشأة الشاعر، وأين كان يقطن بغض النظر هل خلّف من بعده أثرًا مكانيًا أم درس هذا الأثر وزال، ففي حائل ارتبط اسم حاتم الطائي مكانيًا بمنطقة حائل، وفي نفس الوقت بقيت آثار منازله شامخةً في توارن محفوظةً كمزارٍ سياحي أيضًا، أما لو ذكرنا الشعر زهير بن أبي سلمى فلن نجد له أثرًا يرتبط باسمه غير معلقته الشهيرة التي يحفظ مطلعها أغلبنا، ولكنه عاش في نجد، وتحديدًا في القصيم، وأكثر دقةً كما ذكر البغدادي في «الحاجر»، وهي منطقة تقع في أقصى شمال غرب القصيم، ومن هذا نستنتج أنه نجدي النشأة، وتوثيقه المكاني في منطقة القصيم، برغم أنه لم يخلف أثرًا، كما حدث مع منازل حاتم الطائي، وعلى غرار ذلك نقيس بقية الشعراء.

ختامًا، نلمس بشكل يبعث على الفخر جهود وزارة الثقافة الجبارة حقًا في التوثيق، البرامج، الفعاليات وهذا الجهد الجبار لم يكن لولا توجيهات ولي عهدنا الشاب الطموح، محمد بن سلمان -أدام الله عزه- وكذلك لوزير الثقافة والعاملين فيها جهد نراه على أرض الواقع يشكرون عليه.. فشكرًا بلادي، شكرًا مليكي، شكرًا ولي عهدي، شكرًا وزير ثقافتي كسعودي.