لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مواقع افتراضية، كما يطلق عليها البعض، بل أصبحت واقعًا اجتماعيًا نعيش أحداثه وتفاصيله على مدى الساعة. وكعادة الإعلام الجديد المتنامي في تطبيقاته وأشكاله المتنوعة منذ نشأة الإنترنت، أطلقت شركة «ميتا» مولودها الجديد، تطبيق «ثريدز»، الذي تجاوز عدد مشتركيه الـ80 مليون مشترك في أول يومين من إطلاقه؛ لينضم إلى أشقائه «فيس بوك وإنستغرام وواتس آب»، الذين يقدّر عدد مستخدميهم ثلاثة مليارات مستخدم.

عندما نستعرض تطبيقات «ميتا»، وهي بهذا الحجم الفعّال على مستوى العالم، نتنبأ بقدوم منافس جديد في الساحة الإعلامية، ممثلًا في تطبيق «ثريدز»، وإن كنت أرى أن المنصة الجديدة بحاجة لوقت أطول للمنافسة، في ظل التحوَّل الكبير لمنصة «تويتر» بعد سيطرة إيلون ماسك عليها.

بعيدًا عن السياسة، ونظرية المؤامرة بين التطبيقين (تويتر وثريدز)، فنحن لسنا أمريكان، ولن نشارك في الانتخابات ولا في المؤامرات، حتى لو كان «إيلون ماسك وماك زوكربيرغ» محسوبين على «دونالد ترامب وأوباما» اللذين يُشكلان الصراع القائم بين اليمين واليسار الأمريكي، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد في مخططاتها ومؤامراتها بشكل تام على الإعلام، سواءً كان ضد الدول والشعوب، أو على مستوى الانتخابات الأمريكية، ولهذا أصبحت لديهم قناعة تامة بأن من يسيطر على مفاصل الإعلام سوف يسيطر على عقول الناس. وفي السنوات الأخيرة شاهدنا تأثير «فيس بوك» و«تويتر» على نتائج الانتخابات الأمريكية إبان فترتي أوباما وبايدن.

وإذا ما استعرضنا مميزات التطبيقين نجد أن عناصر القوة في تطبيق «ثريدز» تكمن في خروجه من بيئة تقنية قوية، وخلفه إدارة تمتلك الخبرة في التخصص، ولديها نجاحات متعددة ورائدة على مستوى التطبيقات السابقة، أضف إلى ذلك التكامل بين «فيس بوك وإنستغرام وواتس آب» من حيث المتابعين. كما يحسب لـ«زوكربيرغ» فن توقيت إطلاق التطبيق، والاستفادة من أخطاء ماسك، والمبالغة في فرض الرسوم على المشتركين والزوار.

بينما نجد العناصر المهددة للمنافسة تكمن في تقليد فكرة منصة تويتر، ومن ثم نجد فكرة التطبيق غير مبتكرة، مع قلة المميزات والخدمات وعوامل الجذب في ثريدز حاليًا قياسًا بتويتر‬⁩ الذي جذب الناس بالعلامة الزرقاء. كما أن وجود «النخبة» في تويتر يعد عاملا مهما في استمرار تفوق تويتر.

وبالنسبة لربط ثريدز بتطبيق إنستغرام فهو سلاح ذو حدين، ومن المخاطر احتمال إغلاق كل الحسابات، بما فيها واتس آب عند حدوث أي مشكلة، مع الأخذ في الاعتبار أن أصحاب حسابات ثريدز في إنستغرام هم في الأصل بصريون، ولا يميلون للكتابة كثيرًا، ويُشكل ذكاء إيلون ماسك، وفكره المتسارع في التطوير والابتكار، والتقليل من التعقيدات المفروضة سابقًا، تحديًا لمارك، وسوف يحبط أية محاولات قادمة لخطف المغردين من منصته.

وفيما يتعلق بالهوية البصرية، أرى أن اختيار اللون الأسود لتطبيق ثريدز غير موفق قياسًا بألوان مواقع التواصل الاجتماعي، وأخشى أن يكون المولود التقني الجديد وُلد «مشوهًا»، وحضورنا سوف يكون للتشييع فقط لا غير.

ختامًا

لن نكون أمريكان أكثر من الأمريكان أنفسهم، ولكن لا مانع أن نكون صينيين، ويصبح لدينا تطبيقات مستقلة، في ظل الإقبال الكبير عليها من شباب وبنات الوطن.

أكثر ما يهمني في مواقع التواصل الاجتماعي حاليًا يتمثل في إلزام هذه الشركات بفتح فروع لها في المملكة، لسهولة التواصل معها، فالمواطن شريك فعَّال في نشاط هذه الحسابات والترويج لها، بخلاف اشتراك الجهات الرسمية بمبالغ مالية.

ومن واقع تجربة مريرة مع تويتر وفيس بوك، فقد تم إغلاق حسابات مهمة بسبب سوء التواصل معهم، واعتمادهم على الرد الآلي، فتويتر أغلق حسابًا فعّالًا بسبب محاولة تعديل في تاريخ الميلاد، دون قصد، وإدارة فيس بوك أغلقت حسابًا فعالًا بالحسابات المرتبطة معه بحجة «انتهاك حقوق المجتمع» دون توضيح هذه الانتهاكات، ولم تشفع للحسابين في المنصتين عِشرة «العشر سنوات» معها. لكن في نهاية المطاف، أُغلقت كل الحسابات في تويتر وإنستا وفيس بوك، وفقدنا كل المتابعين.