مسكينة تلك الطاولة فليس على سطحها سوى معالجات خجولة ومواعيد غير دقيقة، فهل حان الوقت أن نُلغي من قاموسنا الإعلامي والاجتماعي وحتى الإداري عبارة «ملف المشروع المتعثر على طاولة المسؤول الفلاني»؟ ونستبدلها بعبارة «معاناة تأخير المشروع المتعثر تتم متابعتها ومعالجتها في الموقع»، وتحديد فترة زمنية للانتهاء.
وأشهد أنني رأيت مسؤولًا كبيرًا في منطقة عسير، يقف بنفسه على أعمال مشروعات، في أماكن وأوقات مختلفة، يوجه ويناقش ويحث على سرعة التنفيذ.
وأجزم أن أي مشروع لو وجد المتابعة المستمرة منذ البداية، لن يضطر ذلك المسؤول جزاه الله خيرًا إلى إشغال وقته بأمور هي في الأساس من مهام مدير الإدارة المعنية.
ولم يعد خافيًا على أحد أن وسائل الاتصال والتواصل الحديثة اختصرت الوقت والجهد، وأصبح بإمكان مدير الجهة الحكومية المتابعة على مدار الساعة، دون طاولة وملف ومكتب، ويستطيع إعطاء التعليمات من أي مكان.
وأكدت دراسة علمية أسباب ظاهرة الإبطاء في تنفيذ المشروعات إلى ضعف الخبرة في التنفيذ، والإشراف وعدم الالتزام بإدارة الوقت والحرص عليه، وركود إدارة الإعلام في تلك الجهة وتقصيرها في متابعة ما يُكتب في الصحف والإعلام الجديد من آراء المواطنين وملاحظاتهم القيمة.
وبينت الدراسة، أن التأخير يُصيب الناس بالملل والضجر ويساهم في تشويه صورة المدن والقرى في عيون أهلها وزوارها ويخلق اختناقات مرورية، وضياع أوقات مهمة من حياة الناس، وارتباطاتهم بمواعيد وسفر وأعمال وقضاء مصالح.
وأرى من الواجب تفعيل إدارة الوقت عند بداية تنفيذ أي مشروع، وإلزام المصمم والمقاول على تقاسم الوقت في العقد بكل دقة لأنه سيكشف المتسبب في التأخير ومن ثم تحميله المسؤولية كاملة.
ويمكن لمن يفرط في الأوقات ويستهتر بها أن يأخذ دروسًا مجانية من أقرب الأشياء في حياتنا وهي الزراعة بحيث لو أخل المزارع بالوقت حسب الفصول فلن يحصد إلا الحصرم.
تحدثنا كُتب التاريخ والاجتماع عن العناصر الرئيسية التي قامت عليها الحضارات ومن أهمها احترام مجتمعاتها للوقت كثقافة متأصلة، وأسلوب حياة، وإدارته بكل دقة، خلال مراحل البناء بالطريقة الحاسمة.
وأعجبني رأي أحد الأصدقاء في جلسة سمر حين طرح اقتراحًا، يتمثل في إنشاء إدارة جديدة تحت مسمى «إدارة الوقت الموسمية للتنفيذ» وتُعطى صلاحيات المتابعة لأعمال الشركات والمؤسسات المنفذة للمشروعات، حسب العقود الموقعة ومدة تنفيذها وإيقاع العقوبات حسب الأنظمة لكل من يتسبب في تأخير مشروع تنموي.