تغيرت مواقع سوق أبها الرمضاني منذ نصف قرن وأكثر، ولم يتغير معه حنين النفوس ووقع

الخطوات المشتاقة إليه، وبقيت شواهده التراثية حية تعود بوهجها وجمالها مع عودة الشهر الكريم.

وكان السوق وما زال يمثل محطة جذب للناس يفدون إليه كل يوم، وسط أجواء جميلة، وتنوع المعروضات، والصناعات التراثية التقليدية الخشبية والحديدية والفخارية، إلى جانب النباتات العطرية والورقيات، والمنتجات الزراعية الخضراوات والفواكه الخاصة بمزارع أبها والقرى المجاورة، ولم أسمع في أعوام مضت تذمراً من عدم نظافة وسلامة ما يتم بيعه، بسب المتابعة المستمرة من المراقبين، ولأن أغلب ما يرد إلى السوق مأكولات طازجة من الأسر المنتجة، تجهزها أيادٍ نظيفة وأمينة في البيوت.

ومنذ سنتين تلاشت الملامح الشعبية للسوق، وحلت محلها«أكشاك»، وهذا أدى إلى ابتعاد الناس، وهجرهم سوقاً كان يعج بالحركة والمظاهر الرمضانية المحببة، التي ما زالت تعيش في وجدانهم، ومع الشكر لأمانة عسير على تنظيم تطبيق الاشتراطات الصحية، أترجى المسؤولين إعادة وهج سوق أبها الرمضاني القديم كما كان، اعتباراً من رمضان القادم بإذن الله، وإعطاء الفرصة للمواطنين وكبار السن رجالاً ونساء، لعرض ما يجلبونه من بضائع شعبية نادرة على شكل بسطات أرضية، فيها روح الماضي، وتلك الحوارات الجميلة بين البائعين والمتسوقين كعادات عرفوها ومارسوها، وهي امتداد لتقاليد نلمسها وسط ساحة «سوق الثلاثاء بأبها» في جهته الجنوبية، والأعداد الغفيرة ممن يرتادونه في هذا اليوم، لأنه بالفعل يمنحهم باقات تراثية ولحظات جميلة لتوفر شروط السوق الشعبي.

وأعتقد أن أغلب الأشياء في الحياة قابلة للتجديد والتحديث، إلا الموروث الشعبي لا يقبل ذلك، وسوق رمضان يمثل جزءاً من تاريخ وهوية مدينة أبها وخصوصيتها.

فهل تستجيب الأمانة لتهل فرحة عودة سوق رمضان هذا العام مع إطلالة الشهر الكريم، كما كان ببساطته وبسطاته وعبق ماضيه وطابعه الشعبي المميز؟.