منذ الأزل تبقى مشاعل الأخلاق وقناديل القيم تضيئ النفوس بعد الإيمان بالله عز وجل، فإذا انطفأت هذه المعاني بفعل التربية الرخوة وفوضى الحريات المهلكة فسدت الطباع وانجرفت المبادئ إلى هاوية ليس لها قرار.

ولم تكسر أمة من أمم الأرض نواميس الكون إلا كانت نهايتها عبرة لأولي الألباب من شدة الكوارث وانتشار الأوبئة واضطراب المجتمعات نفسيًا واقتصاديًا واندلاع المنازعات والحروب وجفاف ينابيع الحياة.

وفي أبسط تعريف «للفعل الشاذ» أنه المخالف للطبيعة الخارج عن المألوف «وهو ما يجعل العقول والقلوب النقية المسلمة بفطرتها السليمة تستنكر وترفض المبررات التي يُنَظِرُ لها وينافحُ عنها منحرفون مغيبون في حانات الأوهام والفسق والضلال».


يقول المفكر والكاتب الإسلامي عبدالرحمن أبوذكرى في كتابه «تأملات مسلم» إنه «في عام 2005م كان 37% من مواطني إحدى الدول الكبرى يؤيدون زواج الشواذ وبعد عشر سنوات قفزت النسبة إلى 61% ويعود السبب في هذا التحول الخطير إلى عشرة أفلام سينمائية تم إنتاجها في أحد مواقع صناعة السينما العالمية المشهورة في بلادهم، خلال عشر سنوات ساهمت في صناعة الرأي العام لهذه المسألة، ومنها فيلم شاذ تم ترشيحه لثماني جوائز أوسكار».

والسؤال الذي يبحث عن إجابة كيف قاد فيلم شاذ أكثر من نصف شعب نحو الانحطاط وغربة الأرواح فأعمى بصرهم وبصائرهم وكانوا مثل القطيع الذي يسير ولا يهتدي للرشد سبيلا؟

لست هنا في صدد محاسبة أو تسمية أحد وإنما الدهشة من تلك العقول الفارغة والنفوس المنحرفة وسط صخب حضارة مادية تتلاطم في عقر دارها أمواج التهديد والوعيد وحرب لا تبقي ولا تذر.

حضارة ما فتئت توجه مخالبها وأنيابها إلى دول وشعوب رفضت ما يخالف الدين والعقل والمنطق مرة عن حقوق الإنسان وتارة عن الحريات وأخرى عن المبادئ.

وتؤكد دراسات اجتماعية وتاريخية قديمة وحديثة أن سبب الانحناء الحاد الأول في عمود حضارات الأمم هو المجاهرة بما يخالف طبيعة البشر والتركيز على تعميمها على المجتمعات من مبدأ الحرية، فبئس ما صنعوا.

ويأتي الانحناء الثاني وهو السقوط نتيجة حتمية لاختفاء المفكرين وتراجع قادة الرأي المصلحين المؤثرين في المجتمعات بعد انتشار الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

يقول إنشتاين «المفكرون يحلون المشاكل والعباقرة يمنعون حدوثها قبل أن تبدأ».