ظهرت النظرية أول مرة في أواخر الستينيات من خلال تجربة أجراها، فيليب زيمباردو، حيث ترك سيارتين في حيّين مختلفين؛ الأول غني والثاني فقير، والنتيجة؛ تم تخريب السيارة في الحي الفقير بسرعة، بينما بقيت السيارة في الحي الغني سليمة لفترة أطول!، ولكن حين كسر زيمباردو نافذة السيارة في الحي الغني، انتشرت الفوضى هناك أيضًا، لأنها بدت بمنظر مهمل للمارة، فتشجع المارة على تخريبها وتخريب المكان أكثر.
النظرية ببساطة تقول: الإهمال يُشجع الفوضى، إذا تُركت نافذة مكسورة دون إصلاح، سيعتقد المارة أن لا أحد يهتم بالمكان، وأنه مكان مهمل وفوضوي، ما يفتح الباب لتصرفات فوضوية أكبر، مثل التخريب والسرقة، وصولًا إلى الجرائم الكبرى.
• تطبيقات النظرية:
من نيويورك إلى العالم، في التسعينيات، قاد مفوض شرطة نيويورك ويليام براتون، حملة لتطبيق النظرية على أرض الواقع، ركّزت الحملة على الجرائم البسيطة مثل التهرب من دفع أجرة المترو، والكتابة على الجدران. النتيجة؛ انخفاض مذهل في معدلات الجريمة بنسبة تجاوزت 75%، لأنهم عالجوا الجنح والجرائم البسيطة أولاً؛ ما أدى تبعًا لذلك إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الجرائم الكبرى!.
لم يتوقف نجاح النظرية عند نيويورك، دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا تبنّت نهج «التسامح الصفري» لمعالجة الفوضى في الأحياء الحضرية، حتى في التعليم، تُستخدم النظرية لضبط السلوكيات الصغيرة التي قد تؤثر في البيئة الدراسية.
• الانتقادات وحدود النظرية، على الرغم من شعبيتها، تواجه النظرية انتقادات واسعة؛حيث يقول البعض إنها تُعطي السلطات مجالًا للتعسف، حيث يمكن أن تُستخدم لتعزيز التنميط العرقي أو الطبقي، كما يشير منتقدون آخرون إلى نقص الأدلة العلمية على وجود علاقة سببية مباشرة بين الفوضى والجريمة.
تعلمنا نظرية النوافذ المكسورة أن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة يُحدث فرقًا كبيرًا، سواءً كنا نتحدث عن حي، مدرسة، أو حتى مؤسسة، يجب أن نتعامل مع المشكلات الصغيرة قبل أن تتفاقم..
المجتمعات التي تسعى للتطور تحتاج إلى بيئة نظيفة ومنظمة، حيث يشعر الجميع بالمسؤولية، وكما قال ابن قيم الجوزية: «معظم النار من مستصغر الشرر». لنبدأ بإصلاح نوافذنا المكسورة، فهي ليست مجرد زجاج مهشم، بل رموز لبناء مجتمعات آمنة ومتحضرة.