غزة تتطلب الوقوف مع شعبها المنكوب، وتحتاج تكاتفا دوليا، لإعادة إعمارها، وإعادة الحياة لها بأهلها وسكانها الغزاويين، وهويتها الفلسطينية، وهذا حق من حقوق الشعب الفلسطيني، بدلا من إخلاء الأرض من سكانها الأصليين، وترحيلهم أو تهجيرهم قسرا دون رضاهم نحو الأردن أو مصر. كما يتبنى ترمب عملية التهجير الثانية للفلسطينيين، ويأمر بتزويد إسرائيل بقنابل تزن 2000 رطل، لمواصلة القتل والهدم والخراب.. إنها مفارقات، فعودة أهل غزة اليوم إلى الركام، سواء من خارج مدينة غزة أو من أطرافها، أفضل بكثير من التهجير خارجها، وهو شعار رفعه عشرات الآلاف ممن تبقى من سكان غزة وهم في طريق عودتهم إلى ما بقي من منازلهم، التي هي عودة إلى الركام والخراب غير المسبوقين في تاريخ العالم كله، اللذين أحدثهما جيش حرب نتنياهو، مما يعكس حالة من الوحشية والخراب الممنهج.
ما يدعو إليه ترمب هو تهجير قسري وتطهير عرقي مغلف بالنقل، خاصة في ظل وجود فرضية الأمد الطويل التي لم ينكرها ترمب، الذي يجب ألا ننسي تصريحاته في أثناء حملته الانتخابية السابقة، حيث حذر وقال: «أبواب الجحيم ستُفتح على مصراعيها في الشرق الأوسط». من حق الفلسطينيين استعادة أرضهم والعيش فيها بسلام، وما يقوم به جيش إسرائيل، من قصف للمدنيين والمستشفيات والمساجد والكنائس في غزة، قد تجاوز حق الدفاع عن النفس إلى حرب إبادة للفلسطينيين. ففي حقيقة الأمر كانت حرب إسرائيل حرب إبادة في غزة، وليست ملاحقة لعناصر «حماس» كما يدعون.
الغزاويون يفضلون البقاء في أرضهم مهما صار بدلا من تهجيرهم خارجها، وتثبت مشاهد فرحتهم بالعودة للركام في غزة شدة انتماء هؤلاء القوم الأعزاز إلى شعبهم وتاريخهم وتشبثهم بأرضهم، والشعور الدائم بالانتماء إليها، ولن ينزعهم منها سوى الموت، ولو أصبحت أكواما من الركام الذي شاهده العالم قاطبة بسبب آلة الحرب الوحشية الإسرائيلية.