عندما كنا صغاراً، كانت حياتنا مليئة بالدهشة. كل شيء كان يبدو ملفتًا، ومليئاً بالتفاصيل التي لا نفهمها إلا من خلال عيون الطفولة البريئة. كنا ننظر إلى السماء ونتساءل عن سر النجوم، نرى في المطر قصصاً وفي الرياح حكايات. كان العالم أكبر مما هو الآن، وكان خيالنا بلا حدود، نرسم فيه عوالم لا يشبهها شيء، ونعتقد أن كل شيء ممكن.
لكن الزمن لا ينتظر. نكبر، ومع كل سنة تمرّ، يتغير شيء فينا. نبدأ في نسيان تفاصيل تلك الحياة البسيطة، تتحول الدهشة إلى معرفة، والخيال إلى منطق، وتختفي الحكايات خلف جدران الواقع الصلبة. ننسى كيف كنا نحلم، كيف كنا نفرح للأشياء الصغيرة، وكيف كانت الحياة تبدو أكثر إشراقاً.
في زحمة الحياة، نتورط في سباقٍ مستمر مع الوقت. نركض خلف النجاح، المال، المكانة، نبحث عن الاستقرار في عالمٍ لا يعرف الراحة. نكبر وننسى كيف كانت ضحكاتنا تنطلق بلا حواجز، ننسى كيف كانت أصوات الطيور في الصباح تعطينا طاقة ليومٍ جديد.
ومع ذلك، هناك أشياء لا يمكن أن ننساها. تبقى محفورة في داخلنا، تنتظر لحظة لتظهر. قد تكون تلك الذكريات مدفونة تحت طبقات من المسؤوليات والهموم، لكنها تظل حية. وفي لحظة ما، قد تستيقظ الذكريات.
ما نحتاجه أن نتوقف للحظة، لنتذكر من كنّا، لنلملم ما سقط منا على مر السنين من طهر ونقاء وعفوية وتسامح، ونحتفظ ببعضٍ من تلك البراءة التي فقدناها ونحن نركض نحو المجهول.