فيما أكدت وزارة الصحة أن المملكة أخذت ‏الصحة الرقمية كأولوية قصوى لتطوير الخدمات الصحية، تحولت منصات الصحة الرقمية إلى مشاريع مهمة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتيسير الوصول إليها.

وبفضل التطور التكنولوجي ودعم الحكومة باتت هذه المنصات وسيلة أساسية لتقديم الرعاية الصحية بشكل أكثر كفاءة ومرونة، حيث توفر تلك المنصات مجموعة واسعة من الخدمات، مثل الاستشارات الطبية عن بُعد، وحجز المواعيد، والوصول إلى السجلات الطبية، والتواصل المباشر مع الأطباء، ما يحسّن تجربة المرضى، ويعزز الوقاية الصحية، ويخفف الضغط على المرافق الصحية التقليدية، ويعزز جودة وكفاءة النظام الصحي في المملكة.

منصات وخدمات


يتولى عدد من المنصات الصحية في المملكة تقديم خدمات رقمية متقدمة لتعزيز الرعاية الصحية، وهي تأتي ضمن رؤية المملكة 2030 لتعزيز التحول الرقمي وتحسين جودة الخدمات الصحية، ومن أبرز هذه المنصات:

1ـ منصة صحتي:

تقدم خدمات مثل حجز مواعيد فحوصات كورونا، الاستشارات الطبية عن بُعد، إدارة المواعيد الصحية، الوصفات الطبية الإلكترونية، وعرض السجلات الطبية.

2ـ منصة صحة:

أول منصة صحية رقمية تهدف إلى تقديم خدمات استشارية طبية عن بُعد وتسهيل عملية التواصل بين المرضى والأطباء.

3ـ منصة موعد:

تتيح للمستخدمين حجز وإدارة مواعيدهم في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وهي مرتبطة بوزارة الصحة السعودية.

4ـ منصة تطمن:

مخصصة لمتابعة حالات المصابين أو المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، وتقديم التحديثات الصحية والمتابعة اليومية للحالات.

5ـ منصة إفادة:

تهدف إلى توفير خدمات إصدار شهادات الفحص الطبي للوافدين والعمالة الوافدة، والتأكد من توافقهم مع المعايير الصحية.

6ـ منصة وقاية:

تهتم بالوقاية من الأمراض وتقديم التوعية الصحية والإرشادات الخاصة بكيفية الوقاية من الأمراض المعدية وغير المعدية.

نمو متسارع

حققت المنصات الرقمية الصحية في المملكة نموا متسارعا يعكس التطورات الكبيرة التي تشهدها المملكة في القطاع الصحي.

وأدت عدة عوامل إلى هذا النمو المتسارع، ومن هذه العوامل:

ـ جائحة كوفيد 19

كانت الجائحة دافعاً كبيراً لتسريع التحول إلى الخدمات الصحية الرقمية، حيث تم تطوير منصات مثل «صحتي»، و«تطمن» لتلبية الحاجة إلى الرعاية الصحية عن بُعد، وإدارة الفحوصات والتطعيمات بشكل فعال.

ـ الدعم الحكومي

تستثمر المملكة بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك الصحة الإلكترونية، وهذه الاستثمارات تساعد بدورها في تطوير وتحسين منصات الصحة الرقمية.

ـ زيادة سرعة النت

مع انتشار الإنترنت عالي السرعة في جميع أنحاء المملكة أصبح من السهل على المواطنين والمقيمين الوصول إلى منصات الصحة الرقمية واستخدامها.

ـ الوعي الصحي

ساهمت حملات التوعية في تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض من خلال إقبال الناس على استخدام المنصات الرقمية للحصول على المعلومات الطبية، والاستشارات، وحجز المواعيد.

ابتكارات تكنولوجية

ساهمت الابتكارات التكنولوجية بشكل ملحوظ في تحسين جودة الرعاية الصحية في السنوات الأخيرة عبر المنصات الصحية الرقمية، وبفضلها أصبح من الممكن الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل أكثر سهولة وسرعة، مما يتيح للمرضى التواصل مع الأطباء والاستفادة من الاستشارات الطبية دون الحاجة إلى زيارات فعلية للمرافق الصحية.

وحققت المنصات الرقمية الصحية عددا من النتائج الإيجابية والآثار المهمة، ومنها:

1ـ تحسين الوصول إلى الرعاية:

مكنت المنصات الصحية من الوصول السريع إلى الخدمات الطبية، حيث يمكن للمرضى التواصل مع الأطباء عبر الإنترنت للحصول على استشارات طبية فورية دون الحاجة إلى زيارة العيادة.

كما عززت تلك المنصات من وصول الرعاية إلى المناطق النائية أو التي تفتقر إلى مرافق صحية متطورة.

2ـ تقليل الوقت والتكاليف:

يمكن للمرضى تجنب الانتظار الطويل للحصول على مواعيد أو رعاية طبية عن طريق الحجز الإلكتروني وتلقي الاستشارات عن بُعد، مما يقلل من التكاليف المتعلقة بالتنقل والمواعيد.

3ـ التتبع وإدارة البيانات الصحية:

سهلت المنصات الصحية تتبع الحالات الطبية، حيث مكنت المرضى والأطباء من متابعة التاريخ الطبي والوصفات والعلاجات السابقة بفضل تخزين البيانات الصحية الإلكترونية.

4ـ تعزيز الوقاية والصحة العامة:

وفرت المنصات الصحية معلومات عن الوقاية والرعاية الذاتية، مما يسهم في تحسين مستوى الوعي الصحي للمرضى وتقليل احتمالية الإصابة بالأمراض.

5ـ تحسين التواصل بين الفرق الطبية:

ساعدت المنصات في تسهيل التواصل بين الفرق الطبية المتعددة التي تتولى رعاية المريض، مما أدى إلى تحسين تنسيق الرعاية وتقليل الأخطاء الطبية.

6ـ تعزيز الاستشارات عن بُعد (التطبيب عن بعد):

خلال الاستشارات الطبية عن بُعد، توفر المنصات سهولة الوصول إلى الأطباء المتخصصين، مما يُحسن من جودة الرعاية، خاصة في الحالات التي تتطلب رأيًا طبيًا متخصصًا.

7ـ تحسين المتابعة بعد العلاج:

أتاحت المنصات الصحية إمكانية متابعة الحالة الصحية للمريض بعد العلاج أو الجراحة من خلال مراقبة البيانات الحيوية أو تلقي تحديثات من المريض، مما يقلل من فرص التعرض لمضاعفات طبية.

تحديات متعددة

على الرغم من كل الإيجابيات التي حققتها المنصات الرقمية الصحية، إلا أن ثمة تحديات تواجه كلا من الجهات المنظمة والمستخدمين لتلك المنصات، وهي تحديات تتطلب حلولاً متوازنة لضمان استدامة الفوائد التي تقدمها هذه المنصات.

ويحتاج الأمر إلى تعاون مستمر بين الجهات التنظيمية والمستخدمين لتطوير معايير أمان فعالة، وضمان تجربة استخدام موثوقة وسلسة.

تجارب المستخدمين

حرصت المنصات الرقمية الصحية جميعها على تلمس وقياس رضا المستخدمين عن الخدمات المقدمة عبرها، وهو رضا يختلف بناءً على عدة عوامل مثل جودة الخدمة، وسهولة الاستخدام، ومدى تلبية احتياجات المرضى، ومستوى الدعم الطبي.

وبشكل عام، هناك نقاط إيجابية وأخرى تحتاج إلى تحسين، وفقاً لتجارب المستخدمين، حيث يقول أحمد عبدالعزيز (35 عاما) وهو مقيم في نجران إنه «في بداية جائحة كورونا قررت التسجيل للحصول على اللقاح، لذا قمت بتحميل تطبيقصحتي».

وأضاف «كنت مترددا في البداية، لكن بعد أن جربت التطبيق كان الأمر بسيط جدا، سجلت موعدي في أقرب مركز صحي، وفي يوم الموعد تلقيت رسالة تذكيرية. كانت الخدمة منظمة جدا، ولم أضطر للانتظار طويلاً عند وصولي إلى المركز. هذه التجربة جعلتني أشعر بمدى تطور النظام الصحي في المملكة».

استشارة عن بعد

تضيف فاطمة عبدالرحمن (40 عاماً)، وهي من نجران «أعاني من مشاكل صحية تتطلب مني مراجعة الطبيب بشكل مستمر في الرياض، وكانت مواعيد العيادة الافتراضية هي الحل الأنسب بالنسبة لي».

وتكمل «كانت تجربة مريحة للغاية وفرت علي عناء السفر والانتظار في العيادة».

وتتابع «كان الطبيب محترفاً، وقدم لي النصائح والأدوية المناسبة التي يمكنني طلبها من التطبيق نفسه. هذه التجربة جعلتني اعتمد أكثر على المنصات الرقمية».

صعوبة حجز عبر «موعد»

بدوره، يوضح سالم حمد (50 عاماً) أنه وجد صعوبة في حجز موعد طبي في أحد المراكز الصحية القريبة عبر تطبيق«موعد».

ويقول: قمت بمحاولة حجز موعد لعلاج مرض مزمن، لكنني واجهت مشكلة في العثور على مواعيد متاحة في المركز الصحي الذي أرغب في الذهاب إليه. وانتهى بي الأمر للانتظار أسبوعين حتى أتمكن من الحصول على موعد، كان التطبيق بطيئا بعض الشيء في الاستجابة، وأعتقد أنه بحاجة إلى تحسينات تقنية.

تحديات تواجه الجهات المنظمة للمنصات الرقمية الصحية

ـ تنظيم وتشريع الاستخدام

ـ صعوبة مواكبة سرعة تطور التكنولوجيا، يما يتطلب وضع قوانين تتماشى مع الاستخدامات المتغيرة والمتطورة للمنصات الرقمية

ـ حماية البيانات والخصوصية، حيث على الجهات المنظمة التأكد من أن المنصات الرقمية تمتثل لمعايير صارمة لحماية بيانات المستخدمين من الاختراق أو الاستغلال غير المشروع

ـ مكافحة التلاعب والاحتيال ما يتطلب إستراتيجيات تنظيمية قوية

ـ تجنب استخدام المنصات بشكل سيئ لنشر معلومات مضللة، ما يحتاج إلى مراقبة وتدقيق مستمر

ـ المواكبة التقنية لضمان متابعة التطورات الجديدة والتحديات المتغيرة

تحديات تواجه المستخدمين للمنصات الرقمية الصحية

ـ الأمان والخصوصية، فعدم وضوح سياسات الخصوصية أو تعقيدها يجعل المستخدمين غير واثقين

ـ التشتت وكثرة الخيارات ما يصعب على المستخدمين اختيار المنصة الأنسب

ـ الصعوبات التقنية خصوصا لكبار السن أو غير الملمين بالتكنولوجيا

ـ الإدمان الرقمي فالاستخدام المفرط للمنصات الرقمية قد يؤدي إلى الإدمان الرقمي ما يؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية للمستخدمين