هذه هي بعض الطقوس الأساسية التي على راغب الزواج أن يفعلها لدى بعض عائلات القطيف، وهي طقوس قديمة جدا، لكن بعض العائلات ما يزال متمسكا بها ويعدها من قبيل احترام العائلة التي يود المرء مصاهرتها.
اختلاف العادات
تتنوع عادات الخطبة في قرى ومدن القطيف، وتختلف من مدينة لأخرى أو من قرية إلى أخرى، فاذا كانت عادة رفع المعروض أو تقديم الخطاب معروفة في مدينة القطيف نفسها، فإنها لا تمارس بالضرورة في مدن وقرى المحافظة الأخرى.
تقول زكية آل عويشير «حين تقدم أخي لخطبة زوجته، وهي من مدينة القطيف، كان لا بد أن يعمل وفق هذه المراسم، على الرغم من أننا لا نتعامل بها في أعرافنا، ولكنه فعل ما توجب عليه حسب المتعارف في القطيف، فرفع خطابا للعائلة يطلب فيه يد ابنتهم».
وأضافت «بعد مشاورات وافق رب العائلة على طلبه، وتم الاتصال به لإبلاغه، ليكمل بعد ذلك خطوات الخطبة بالتقدم مع عائلته لمقابلة عائلتها، ثم السماح له بالرؤية الشرعية، وبعدها الاتفاق على تفاصيل المهر وشروط الزواج حتى موعد العقد الشرعي للزواج».
وأردفت «هناك بعض البيوت في القديح تعتمد نفس هذه الطقوس عند طلب الزواج».
تقرير تفصيلي
يؤكج يحيى آل شاهين، وهو من القديح أن «الخطاب هو بمثابة تقرير عن تفاصيل حياة الشاب الراغب في الزواج، يقدم إلى رب عائلة من يرغب بالزواج منها، يشرح فيه كل ما يتعلق بوضعه المادي والعملي، ومؤهلاته الدراسية، وإمكانياته للزواج وما إلى ذلك، ويرفق فيه صورة شخصية له ليتسنى للعروس أن تعرف هيئة المتقدم لخطبتها قبل أن تتم خطوة الرؤية الشرعية، ويمكن للصورة أن تسهل لعائلتها وأخوتها وعمومتها السؤال عن العريس، وعن أخلاقه، وتعامله، وعائلته، وهو ما يبنى عليه لاتخاذ القرار النهائي بعد اطلاع العروس على كل المعلومات التي تم الحصول عليها».
عادات مستغربة
تقر زينة أن هناك عادات يستغربها الجيل الحالي، بعضها اندثر وبعضها مستمر كما هو حال الخطابات الرسمية عند التقدم للخطبة، وتقول «يبدو أن عادة الخطاب دخلت عليها الحداثة، فأصبحت بمثابة البروتوكول، وتوضع بشكل ضمني في صندوق المهر والهدية التي يقدمها المتقدم للخطبة بعد أن يتم التواصل وأخذ الموافقة مسبقاً ثم الاتفاق على التفاصيل وتحديد موعد العقد».
وجاهة أم موروث
من جهته، لفت وائل الجشي إلى أن «عادة رفع الخطاب الرسمي يمكن اعتبارها علامة من الموروث القديم للقطيف، ومع أنها قديمة إلا أن بعض العائلات ما تزال تعتمدها من باب التمسك بالعادات أو لكونها تعبر عن مكانة البنت واحترام عائلتها».
وهو يرى أن من العادات الأخرى في المحافظة إهداء بيت العروس سمكاً، وهي عادة عرف بها أهالي جزيرة تاروت، وعادة تقديم صناديق وحقائب مليئة بالهدايا وهي عادة عرفها أهالي مدينة سيهات وبلدات صغيرة في القطيف.
حقائب هدايا
توضح مواهب حبيب، من سيهات، أن أهالي سيهات اعتادوا تقديم حقائب سفر مليئة بالهدايا للعروس، وهدايا أخرى لوالدتها، وهناك من ذهب إلى تقديم هدايا لوالدها أيضا، وقالت «مع تطور الحال اختفت عادة الحقائب لتتحول إلى صناديق هدايا مغلفة بشكل جميل، تشمل الذهب والعطور والبخور والورد وبعض الأقمشة الفاخرة، لكن من يحافظون على هذه العادة قلة».
إهداء السمك
تشدد سجود الناصري على أن اعتماد أهالي جزيرة تاروت على تقديم السمك كإهداء للعروس وأهلها غايته الإشهار بين المعارف والجيران عن موضوع الخطبة، وتأتي بعد الموافقة على الخطبة وتحديد التفاصيل، حيث يهدي أهل العريس السمك لأهل العروس الذين يبادرون بدورهم لتوزيعه على من حولهم وبقية العائلة لإشعارهم أنه تمت خطبة ابنتهم، وهي عادة سنابسية بشكل خاص، وبما أن سنابس تقع في تاروت فقد ذهب كثيرون إلى أنها عادة تاروتية تدل على الخير الوفير والبركة كونها جزيرة معروفة بصيد السمك وبيعه.
ردوا على المكتوب
بدوره، أوضح الباحث التاريخي، المهتم بالتراث القطيفي عبد الرسول الغريافي أنه «بالنسبة لتقديم الخطاب أو الرسالة فهي عادة متعارف عليها في أنحاء القطيف، إلا إذا كانت الخطبة من داخل العائلة أي من أولاد العم أو الخال أو الأقارب المقربين».
وأضاف «كانت الرسالة تسمى (مكتوب) ويقال فيها: (ردو على المكتوب) وهذا يعني بالقبول».
ويختلف مفهوم الخطوبة في مناطق القطيف عن باقي المناطق، إذ إن الخطوبة يصحبها العقد مباشرة، ويقال (عقدوا عليهم) أو (كتبوا كتابهم) وهذه العادة جارية حتى أيامنا هذه، حيث يقال إنهم مخطوبين لبعضهما، وهذه خطيبة فلان وهذا خطيب فلانة، بينما شرعاً وواقعاً هما زوجان لم يدخلا على بعضهما، خلاف كثير من المناطق التي تتم فيها الخطوبة وبعد الموافقة يظل الخطيبان دون عقد حتى قرب موعد الزواج، أو حتى ليلة الزواج، حيث يتم العقد الرسمي.
ويكمل «بعد إعلان الخطوبة كان لأهالي القطيف عامة عادات يتم من خلالها إعلان خطوبة فلان على فلانة، مثل توزيع الأسماك على الأهل والجيران، وقديماً كان السمك يُوَزع مشوياً، وهذه العادة استمرت حتى بداية السبعينات ثم اندثرت، فيما ما زالت مستمرة فقط في تاروت».
دبلة الخطوبة
يبين الغريافي أن عادة توزيع السمك اندثرت بعد دخول عادة إرسال دبلة الخطوبة إلى العروس من قِبَل أهل الخطاب، ثم تطورت لاحقا لتصل إلى عادة (تلبيس الدبلة حضورياً) ثم بعد ذلك توسعت هذه المراسيم إلى (حفلة) تلبيس الدبلة أو (حفلة) الخطوبة ومنها إلى ما نراه الآن من حفلات ومظاهر لإشاعة خبر الخطبة.
وعن فكرة حقائب الهدايا، قال «هي عادة مقتبسة من مجتمعات أخرى، وأصبحت عامة في القطيف منذ بداية السبعينات، ولكن تخلى عنها كثير من أهالي المنطقة، فيما طورها آخرون إلى أشكال أخرى للهدايا المقدمة للعروس ولأهلها».
طقوس للخطبة في القطيف
ـ تقديم الراغب بالخطبة لخطاب شخصي يتضمن كل معلوماته وصورته
ـ توزيع السمك عند الموافقة على الخطبة
ـ حقائب من الهدايا للعروس ووالدتها وأحيانا والدها