‫تتميز المملكة بتنوع تراثها الحضاري من الحرف والصناعات‬ اليدوية، ويرجع هـذا التنوع إلى اتساع خريطة السـعودية، واختلاف‬ الطبيعـة البيئية والجغرافية بين مناطقها، وهو ما أتاح لكل منطقة قدرًا مـن التفرد الذي يحدد هويتها المجتمعية، ويخصها ببعض الخامات‬ والمواد والعناصر الأولية التي قد لا تتوافر لغيرها، ومن هذا المنطلق جاءت موافقة مجلس الوزراء على تسمية عام 2025 بـ«عام الحرف اليدوية».

ولأن المنتجات‬ الحرفية تبدأ من الخصائص البيئية للموقع الجغرافي الذي تنشأ فيه،‬ كان مـن الطبيعي أن يتنوع تراث الحرف في المملكة، فنجد بعض‬ المناطق تنفرد ببعض الحرف عن غيرها، ونجد بعض الحرف مشتركة‬ بين معظم المناطق، لكونهـا منتجات تستخدم لتلبية الاحتياجات اليومية المتشابهة، كالمنتجات الحرفية المتعلقة بالمأكل والمشرب‬ والزينة وغيرها، ولذلـك قد نجد بعض الحرف المحلية موجودة‬ ومعروفة فـي دول أخرى، لأن الحاجة للمنتج واحدة، ولكـن طريقة‬ صناعة المنتج ومهارة الحرفي، هي التي تحدد خصوصيته بين منطقة‬ وأخرى، وكذلـك بين دولة وأخرى، فصناعـة الفخار على سـبيل المثال‬ موجـودة في معظـم مناطق المملكة، وهي من أشـهر الصناعات الحرفية‬ الموجودة في كثير من دول العالم، ولكـن وحده الحرفـي الماهر من‬ يصنع الاختلاف ويبتكر عناصر الخصوصية.‬

ركيزة أساسية


في 12 ديسمبر 2023، أعلنت «شركة حرف السعودية» والتابعة لهيئة التراث، انطلاق أعمالها في المملكة بهدف تعزيز قطاع الحرف اليدوية وتنميته احتفاءً بالإرث الثقافي السعودي، وذلك من خلال تصميم وإنتاج منتجات حرفية عالية الجودة تتسم بالتجدد والحداثة ومستوحاة من ثقافتنا وجذور تراثنا الأصيل، تشكل وتصنع بأيدٍ سعودية ماهرة.

وفي ظل التوقعات بأن تشهد السوق العالمية للحرف اليدوية نموًا يتجاوز 5 تريليونات ريال بحلول عام 2028، تأتي مبادرات الشركة لتعزيز هذا القطاع، خصوصًا مع توقع نمو حجم السوق الحرفي في المملكة إلى 5 مليارات ريال بحلول عام 2028. وتستهدف الشركة تنمية أعمالها لتغطية 15% من حجم السوق إضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات المتنوعة للقطاع.

وفي ظل تطلعات المملكة لاستقبال 150 مليون زائر بحلول عام 2030، أكد الرئيس التنفيذي لشركة حرف السعودية المهندس حسام الدين بن صالح المدني الدور الريادي والإستراتيجي للشركة في هذا المسعى تماشيًا مع رؤية المملكة 2030م، وسعيها لإبراز قطاع الحرف اليدوية السعودية محليًا وعالميًا مع التركيز على توفير فرص عمل مستدامة للحرفيين تصل إلى حوالي 9.000 فرصة مباشرة وغير مباشرة، ونطمح في المساهمة بقرابة مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030، بما يدعم الأهداف الاقتصادية الشاملة لرؤية 2030.

أكد المدني أهمية الاستثمار في قطاع السياحة والضيافة، لما يمثله من ركيزة أساسية في تحقيق أهداف رؤية 2030م، مبينًا أن الاستثمار في مجال السياحة والضيافة ليس مجرد قناة لجذب الزوار فحسب، بل هو استثمار في الثقافة، والتراث، والهوية الوطنية، لذلك يتم السعي لتطوير منتجات مبتكرة تخدم قطاع السياحة وتعكس تنوع تراث وثقافة المملكة.

نماذج مميزة

في 29 يناير 2024، أعلنت جوائز باريس للتصميم Better Future|Paris Design Awards، العالمية عن فوز هيئة التراث بإحدى جوائزها لدورة 2024، وذلك بعد منح «معرض الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية «بنان» الذي نظمته الهيئة في يونيو الماضي بمدينة الرياض، جائزة «التصميم الداخلي».

وجاء منح الجائزة للمعرض بعد تميزه في التصاميم المبتكرة المستوحاة من التراث الثقافي للحرف اليدوية بالمملكة، إضافة إلى جودة العرض وتميز الألوان وجمالية القطع التراثية التي حفل بها المعرض.

ويعد قطاع الحرف اليدوية أحد قطاعات التراث الثقافي الأربعة التي تشرف عليها هيئة التراث؛ بالإضافة إلى الآثار والتراث العمراني والتراث غير المادي.

وشهد الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية «بنان» الذي نظمته الهيئة تحت رعاية وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، إقبالًا وتفاعلًا كبيرًا من العاملين والمهتمين في مجال الحرف اليدوية بمشاركة عربية ودولية واسعة، كما حظي بعدد كبير من الزوار.

وتُعد جوائز باريس للتصميم Better Future|Paris Design Awards من أبرز الجوائز العالمية في مجال التصاميم، وتركز على الاحتفاء بالنماذج المميزة في مجال العرض، والابتكار، والتصميم الرقمي، ومنتجات التخطيط والتصميم والبناء التي تعكس الاعتبارات الوظيفية والتقنية والاجتماعية والجمالية.

ويقام الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية (بنان) على مساحة 18 ألف متر مربع في واجهة الرياض، في تصميم مستوحى من الإرث والطراز المعماري التراثي، يقدم فيه الحرفيون أعمالهم ويبيعونها في 11 قسمًا، هي المشغولات المعدنية، والنسيجية، والنخيلية، والجلدية، والخشبية، والفخارية، وحرف التجليد والتذهيب، وحرف الحلي والمجوهرات، والمشغولات المطرزة، والحرف اليدوية الداعمة.