بداية المشهد (في قدومه كالمطر يغيث الناس، وكالشجر يظللهم). كان يوم التاسع عشر من ربيع الثاني لعام ألف وأربعمائة وأربعين للهجرة النبوية ميلاد فجر جديد لعسير الجنوب. (حييت يا تركي تحيات الحيا وبك المكان زها وتاه وأنورا). حل الصمت الرهيب ما بين مستبشر محبور، ومبتئس حزين، يترقبون البدايات وما تحمل في طياتها من تباشير. وفي لمح البصر وبسرعة البرق سبقت الأفعال كل قول، وانطلقت المسيرة بالتجوال لتتفقد الأحوال كما أمره الإمام. ينهض في تفاؤل، فيطل بصباح جميل يشرق على عسير من شمسه نورا، ويسيل من جبالها الصم وقممها الشامخة الأمل الذي يبعث التوقد والحماس لدى ساكنيها. (ما دامت الشمس تأتي بعد ظلمتنا فليعلم اليأس أن القادم الأمل). لذلك كان هو مصدر الضوء الذي سرى وأنار تلك الشعاب والأودية والتلال (يحرق نفسه ليشعل مدنا ومحافظات تتوقد باللمعان والبريق الذي يجعلها منارات للسياحة في عسير. ولسان حاله يقول ويردد: (جاء الصباح بنوره فانهض له واستقبل الكون المضيء ببسمتك، كان من جميل كلامه وأصبحت علامة في عسير هذه المقولة التي تكتب بماء الورد والذهب (إن من يعمل بجد وإخلاص للوطن والمواطن سيجد العز والمعزة في كل المواطن). إن مدحناه بخلنا، وإن شكرناه عجزنا، فقد سبق فعله قوله، جعل من وجوده كالنسيم البارد الذي يهب على الأفئدة الملتهبة فينعشها تفاؤلا وحيوية، يجعل من حديثه وابتسامته ما تصفو النفس له وتسعد، وتعمل معه بجد وتنجز. ينجز في بداية يومه كل المهام، ثم تنطلق الهمم متخذة من العزم القمم، ومن الأصالة الشيم، إنه (تركي عسير) الذي اتخذ من الصعب اليسير، متوشحا بهمة (سلمان) ورؤية (محمد). فانقاد بعزمه العسير (لعسير)، وأصبحت الخطى لجمالها تسير. له نفس سامية، وتفكير ناضج متزن، يسير بخطط سليمة مرسومة، ويحضر بعقل فطين، وقلب لبيب، مع طموح في قوة وبأس، يصحبه تواضع ولين. ليزهر ورد الأمل في كل عسير بمشاريع تنموية كبيرة تساهم في سعادة إنسان عسير ومكانه (رغم شواهق جباله ووعورة سهوله). (بجهودكم تسمو عسير وترتقي بذل تجلى والعسير تيسرا). إلا أن أمير (القيم والشيم) يحمل نفسا جادة للعمل، وروح متفانية لخدمة الوطن، ويكفي ما قاله في بدايات وصوله لعسير (أمرنا ولي العهد برسم الأهداف، والعمل بعزيمة لتحقيقها، وحماية سبل الوصول إليها بسحق الفساد، وإماتة البيروقراطية العمياء، واحترام الوقت، وترتيب الأولويات، والعمل بعقلية الفريق الوقادة). أصبحت القرى قبل المراكز، والمراكز قبل المحافظات، والمحافظات قبل المدن (جميعها يتمنى زيارته لها «وقد فعل») ليفيض عليها من كرم ولاة أمرها بما أوكل إليه لها من تطوير وتنمية. لقد عشنا (خمس سمان) رأينا فيها الجد في العمل والسرعة في الإنجاز (ونحن شهود الله في أرضه) على ما بذل ويبذل من إصلاحات وإنجازات جعلت من بقائه مطلبا لكل صغير وكبير، ليرى نور السياحة يشرق، وأهداف الرؤية تتحقق (في عسير). لك منا الحب والتقدير، والولاء والوفاء في عسير ولعسير (والجميع للعمل معك يفخر).... سلام الله عليك، وعينه تحفظك وترعاك.