الآن عندنا؛ وبعد تعقيد اختبار قياس للقدرات بدرجة تجاوزت التوقعات يسأل كل من الطلبة وأولياء أمورهم وهم بالملايين وكل سنة: ما الذي أفرزته نتائج قياس من نتائج إيجابية على مختلف الأصعدة والجوانب؟ هل الدراسة في الجامعة تتطلب هذا المستوى الذي تقول أدبيات قياس أنه ضروري للحكم على أهلية الطالب أو الطالبة للالتحاق بجامعاتنا أو الجامعات في العالم؟
من قال إن الغالبية الساحقة في الجامعات تتطلب الدراسة فيها طلبة من ذوي المهارات العالية جدًا، أو المهارات الخارقة حسب تصميم اختبار قياس للقدرات هذه السنة؟
وأقول هذا وأنا أستاذ دكتور من رحم جامعة ودرست في أعلى الجامعات تصنيفًا. والإجابة القاطعة: مستحيل مطلقا أن الجامعات تتطلب هذا المستوى غير العادي! إذن اختبار قياس للقدرات معني بالقدرات غير العادية؟! لماذا؟ هل الهدف من هذا الاختبار أو السبب في عقده هو محدودية المقاعد؟ هل السبب وراء عقده أن نتائج امتحانات الثانوية مشكوك فيها؟
إذا كان هذان هما السبب، فهناك أكثر من حل، والمتخصصون أو المعنيون في قياس والجامعات لديهم الحلول ويعرفونها تماما.
ألم تسترعنا تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن –خصوصا في السابق كما أعلم- عندما تتيح المجال للطلبة بتقدير جيد جدا على ما أظن وما فوق من واقع شهادة الثانوية الدخول إلى امتحان تجريه ومن ثم إتاحة الفرصة ومن يثبت كفاءته في الامتحان يقبل في الشركة؟!
وإذا كانت هناك شكوك في نتائج الثانوية ألا يمكن الاكتفاء بالاختبار التحصيلي أو أن تكون الأسئلة من الوزارة؟
ثم الطامة؛ يوضع على هذا الامتحان (القدرات) نسبة 30%؟ كان جعلتموها 10%، يمكن تفهمها!
إننا نجحنا واجتهدنا في حياتنا لأن الدولة وفرت ما يمكن لأن نفعل من خلال حلول تشجعنا، فلماذا نبحث الآن عن حلول أكثر تعقيدًا لجعل الحياة لأبنائنا أكثر مرارةً وتعقيدًا؟
لماذا لا تسأل الجهات في الوزارة وقياس المواطنين؟ لماذا الخطاب في اتجاه واحد وليس اتجاهين؟
ولماذا، وهذا من أهم النقاط، لم تطور الوزارة طريقة التعليم فتركز على تطوير المهارات وهو جوهر العملية التعليمية وخصوصا في التعليم العام؟ أليست هذه المهارات بشكل أو بآخر هي التي يقول قياس أنه يقيسها؟ كيف يقيس قياس ما يصعب قياسه؟ ومن ثم هل يوجد تغذية راجعة بين قياس والوزارة؟
وفي الختام، وبعد سنين من المعاناة التي ما فتئت تشتد مع الأيام، إنني أرجو أن يقرأ وزير التعليم والمسؤولين في الوزارة وفي قياس هذا المقال بعين موضوعية تامة، ما يفضي بشجاعة إلى مراجعات شاملة لهذا الامتحان التعسفي والتعليم بشكل عام؛ لأن الكيل بصريح العبارة طفح عندما أرى الإحباط شاهدا في وجه ابنتي كل يوم، وأظنه كذلك مع كل طالب وطالبة.