قال تعالى: (ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)، وقال تعالى (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين).

‏أدى النشاط الإنساني اليوم إلى إحداث الكثير من التغيرات البيئية بعدة صور وأشكال، فكان من الواجب أن نسلط الضوء على بعضٍ من هذه العوامل وطرح الحلول المقترحة لمواجهة هذه التحديات التي تهدد البيئة.

رغم أن التعليم ليس الطرف الوحيد لمواجهة مثل هذه التحديات ولكنه يعتبر الأكثر أهمية من بين الأطراف المشاركة للتصدي لمثل هذه التحديات، ويشكل ركناً مهما للاستجابة للعديد من المبادرات الحكومية والمجتمعية ومبادرات القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، كذلك ومع ذلك لا يرتبط التعليم اليوم بالشكل المأمول بتفعيل المقترحات والمبادرات بشكل مثالي في مواجهة تلك التحديات البيئية، من خلال الاستجابة الحقة وإيضاح معنى مبادئ التنمية المستدامة لإيجاد الحلول الحقيقية للمشكلات البيئية؛ وقد يعزى ذلك لوجود العديد من المتغيرات المرتبطة بحياة الإنسان سواءً البيئية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التقنية وغيرها.

وللوقوف على أبرز أسباب تلك التحديات وخاصة في حقل التعليم يجب إيضاح العوامل والتحديات التي تواجه البيئة ومستجداتها والإجابة عن السؤال الحقيقي تجاهها وهو: كيف نحافظ على بيئتنا ونعزز مبدأ الممارسات المستدامة؟ فالتغير المناخي مثلاً يرتبط بالعديد من المتغيرات البيئية كالاحتباس الحراري، وقلة التنوع البيولوجي، ومهددات الأمن الغذائي، وقلة مصادر الطاقة المستدامة، والإفراط في استخدام الموارد الطبيعية وقلة استثمارها، مما خلق هناك حاجة ملحة لإشراك مجال التعليم بشكل رئيس، بالإضافة للعديد من أطراف المجتمع لمواجهة هذا التحدي العالمي.

من الطرق المثلى لإيجاد بعض الحلول الملائمة لمواجهة هذه التحديات أن تكون هناك لفتة حقيقية لتفعيل دور التعليم تجاه تلك المبادرات والمقترحات ومواكبة التغيرات التي تطرأ على البيئة، من خلال الجمع والتمييز بين إنتاج المعرفة ونظام التدريب المستدام لتحقيق مبدأ التنمية المستدامة.

فاليوم لا يزال التعليم البيئي في المملكة العربية السعودية متخصصًا بدرجة عالية وبشكل جوهري من خلال العلوم البيئية؛ لارتباطه بعدة عوامل دينياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، ولكن هذا الارتباط لا يزال بشكل هامشي، كما وأن العديد من الدول المتقدمة عقدت الكثير من المؤتمرات والمبادرات ولكنها لا زالت لم تتخذ موقفاً ودوراً فاعلاً وإيجابياً حيال ذلك، ولم يتم تضمينها بوضع حلول جذرية بشكل فعلي ومرضٍ علاوة على ذلك، يركز التعليم البيئي في مختلف التخصصات على إكساب واكتساب المعرفة المتخصصة، على الرغم من أنه يظل ضرورياً إلا أن تعزيز المعرفة وحدها لا يكفي دون ارتباط بالحياة الواقعية من خلال التجارب والكفاءات والقيم.

لذلك لابد لنا في التعليم الحالي والمستقبلي من تعليم الطلاب النهج الذي ينهجه العلماء والمهندسون من خلال إيجاد التعليم الحقيقي بالتأهيل والتدريب، ثم التوجيه الصحيح ليأخذوا بزمام المبادرات في التنمية المستدامة، ويقفوا على معالجة الصعوبات البيئية على المستوى المحلي أو الإقليمي أو على المستوى العالمي كذلك، فاستنفاد الموارد الطبيعية، والتلوث، والانفجار السكاني كل ذلك يؤدي إلى التدهور البيئي.

من الأساليب المثلى أيضاً للتعامل مع متغيرات البيئة وتحقيق مبادئ التنمية المستدامة -والتي يجب أن توليها العديد من الدول جل الاهتمام- إيجاد التوجيه الصحيح للتعليم، فالمعرفة من الأمور التي لابد من إدراكها ولكن في معظم العلوم الطبيعية لابد من توظيف تلك المعرفة بشكل عملي تطبيقي يرتبط بشكل أو بآخر بواقع المتعلمين وحياتهم اليومية، بالإضافة إلى التقليل من العبء المعرفي وإيجاد تمثيل حقيقي ومحركات حاسمة لتطوير المهارات وتوجيه القدرات بشكل إيجابي، نحو استدامة موارد البيئة وإتاحة مجموعة واسعة من برامج التعليم، وتوسيع مجال المعرفة ونطاق الشبكة المهنية المهتمة بالبيئة، بهدف إعداد متعلمين ومهنيين متحمسين ومدربين تدريباً عاليا الجودة.