الحب شعور سامٍ وقيمة إنسانية نبيلة وعظيمة، في الوقت ذاته يجب علينا الاعتراف أولًا أننا شوهنا معناه قبل أن نفقده.. اختزلنا الحب في وجوه جميلة وجسد متناسق.. اختزلناه في دائرة المتعة والفن العاري والكلمات التائهة، وعلى الطرف الآخر بدأ البعض بتحريمه وربط كلمة (الحب) بكل ما هو نقيصة، فجعلوا مصطلح (الحب) في مواجهة الدين لنظل نراه حرامًا فنحروا الحب بين دائرة الحب والحرام وبين دائرة الحب والعيب.
أصبحت مفردة الحب تشير إلى معنى غير مرغوب فيه للأسف؛ لأنه مرتبط بالوجه السلبي له، وعليه فقدنا أعظم قيمة عرفتها البشرية عبر العصور وهي (الرحمة)، تلك الثمرة العظيمة للحب العظيم دائمًا، فصار جفاف البيئة لدينا مشكلا لجفاف الإنسان رغمًا عنه.
الحب شعور إنسانى عظيم، يدل على الحياة، كما يدل على الإنسانية، وهو أحد مشتقات الرحمة وآثارها، فالرحيم هو الذى يحب، ومن أحب دل على أنه رحيم، والحب عطاء وكرم، وحالة فريدة من حسن المعاملة، ويرتبط الحب بالتعبير عن المشاعر، ويتجدد دوما ليتخطى الإنسان به مشكلات الحياة وهمومها، ويكاد يجمع علماء الدين على أن التعبير عن المشاعر، ولو بالكلمة الطيبة، هو جبر للخواطر، وأن نشر ثقافة المحبة يسهم فى استقرار المجتمع، ويساعد الإنسان على تجاوز أزماته.
هذا الشعور الرحماني يختبئ في جميع أركان الكون، في الطرق والممرات التى نعبرها كل يوم بين كلمات الناس وداخل أشياءنا الصغيرة.. الحب موجود حولنا وداخلنا وفي أعماقنا، يجب أن نعترف بأن الحب موجود في الأرض والأرواح والأنفاس، كل روح لا تعرف الحب فهي روح خاوية، فالحب روح الله التى ترعانا وعينه التى لا تغفل عنا.. فلماذا نرفضه؟!.
أصبح الحب في دواخلنا أسير الخوف من العيب أو المسؤولية، أسير نظرة تتهمنا بالجنون (فقيسٌ مجنون) أو نظرة استعلاء لشعور مُحرم (فزُليخة كما تُروى القصص مشاعرها مُحرمة)، فنهرب من هذه النظرة بإدعاء القسوة والغلظة رغم أن مشاعر الحب بكل درجاتها هي قيمة عظيمة فطرية غرسه الله فى قلب كل مخلوق، فهو فطرى لكنه كالبذرة الصغيرة إذا وُضعت فى أرض طيبة صالحة نبتت وترعرعت، وإذا وُجدت فى أرض صلبة قاسية جيرية أو حجرية لا تحسن استقبال البذور ماتت واندثرت..
أحبوا أنفسكم.. تقبلوا من يختلف عنكم.. كونوا سعداء وابتعدوا عمن يؤجج ويُسوق لكلمة (وش دخلني).. (بالغ بحب ذاتك)، وبعض المصطلحات التى صارت تنوب عن المبادرات الجميلة، فالحب في دواخلنا أسير الخوف من العيب أوالمسؤولية أو الحرام.