قد يبدو العنوان غريبا، لكن الفكرة ليست كذلك.

وبعض الأفكار قد تبدو ساذجة، بل وحتى غبية للآخرين، لكنها قد تصير لاحقا أبرع الإنجازات التي يمكنك تحقيقها.

هذا ما يصر أن يقدمه لنا الكاتب ريتشي نورتون في كتابه «قوة بدء شيء غبي

The Power of Starting) Something Stupid)، وهو يحرضنا من خلاله على ألا ننسف أفكارنا بسرعة لمجرد أن آخرين قالوا بداية إنها غبية، فما قد يبدو غبيا للبعض ربما يكون هو الأذكى أحيانا.

يقدم ريتشي في كتابه جملة من النصائح، ويحاول أن يخبرنا بأننا نتحمس أحيانا لفكرة ما، ولكننا حين نعرضها على الآخرين، بما فيهم المقربين جدا، أهل أو أصدقاء، قد يواجهونها بردود فعل مخيبة ومحبطة بالنسبة لنا، وقد يقودنا ذلك إلى التراجع عنها، ونسفها جملة وتفصيلا، لكن ريتشي يقول في كتابه «لا تحمل أراؤهم على محمل الجد».

الإجابات

لا يبني ريتشي نصيحته على مجرد العناد والمخالفة، بل يركز في تدعيم صوابها على أن عددا من الابتكارات وكذلك من الشركات الرائدة في العالم بدأت من فكرة بدت للآخرين أنها «غبية».

ويتمحور كتاب ريتشي حول الشجاعة اللازمة للقيام بعمل مهم، ويدعونا كما يقول سيث جودين صاحب كتاب «خداع إيكاروس» إلى «القيام بعمل مهم، والقيام به بقلبك وروحك، اذهب واجعل شيئا يحدث».

الذكاء والغباء

يطرح الكتاب تساؤلات حول ما سيحدث لو فهم أحد أذكى الناس شيئا لم يفهمه الآخرون، وماذا لو أردك بعضهم أنه عليهم القيام بأشياء قد تبدو للآخرين غبية في البداية، لكنهم يصرون على فعلها، كأنه يقول إن أذكى الناس في العالم لا يهربون من الغباء، بل يميلون إليه، ولكن بطريقة ذكية.

تعاليم لافتة

يعملنا ريتشي في كتابه الذي أعاد فيه تعريف الغباء، أن مفتاح النجاح قد يكمن أحيانا في بعض الأفكار التي قد يراها الآخرون غبية، وهو يوجهنا إلى:

كيف نهزم الخوف.

كيف نحقق الأحلام.

كيف نعيش بلا ندم.

كيف نهزم التحديات.

كيف نتغلب على ضيق الوقت.

كيف نتجاوز نقص التعليم.

كيف نتخطى نقص المال.

لا تلجأ إلى التماس الأعذار.

نظارات للكلاب

يورد لنا رئيتشي يعض قصص النجاح التي بدت غبية للغاية عند البدء فيها، وهو يبني كتابه معتمدا على سنوات من البحث وعلى مئات المقابلات التي أجراها، ومتكئا على بعض أعظم قصص النجاح في الماضي والحاضر، ويصل إلى خلاصة مفادها أن ذكاء الفكرة يكمن أحيانا في مدى رؤية الناس لغبائها في بعض الأحيان، أو في محاولة الآخرين وأدها بسبب الشك والخوف والالتباس أو عدم فهمها.

ويورد حكاية فيرونيكا ديللولو مؤسِّسة شركة (Doggles) شركة نظارات الموضة للكلاب وهي فكرة انطلقت في زمن الركود الاقتصادي.

واجهت فيرونيكا كثيرا من التشكيك والرفض للفكرة، لكنها لم تستمع للتشكيك ولم تكترث بالرفض، وبذلت كثيرا من الوقت لتنجح فكرتها، وحصدت شركتها 3 ملايين دولار في غضون عام واحد فقط!.

قصة أخرى يوردها نورتشي في كتابه، متحدثا عن الهاتف الذي كان مرفوضًا في البداية، ففي عام 1876 قالت شركة (Western Union) عن الهاتف «إن الجهاز ليس له قيمة لنا»!.

اليوم كل عمل ويسترن يونيون قام بداية على الهاتف وما يمكنه فعله.

كيف نفرق

لا يقول ريتشي إن كل فكرة غبية يمكنها أن تتحول إلى إنجاز، فثمة فوارق بين أفكار بكماء لا تنتج، وبين أفكار يرفضها الآخرون، لكنها تحمل في نواتها بذور النجاح، وحتى نميز بين هذين النوعين من الأفكار، يدعونا إلى:

الإيمان بإحساسنا

أحيانا قد لا نمتلك المقياس الذي ينبئنا أن فكرتنا تحقق النجاح والتقدم، وقد لا يتوفر لنا سلم نضع عليه درجات مضيها في الطريق السليم من عدمه، وهنا يدعونا ريتشي إلى الإيمان بشعرنا تجاهها، وإحساسنا بها، ويعد الإيمان به مبدأ مهما للمضي قدما، ويقول «إذا كنت مقتنعًا بشيء ما بشدة؛ فعندئذ من يمكنه إيقافك من خلال إخبارك أنها فكرة لا تستحق منك أي مجهود؟».

ويورد هنا مقولة جاك ويلش الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك عن الأفكار الجديرة بالاهتمام «أنت تعرفها عندما تشعر بها»، وعندما تشير كل أحاسيسك وكل ما بداخلك بوضوح إلى اتجاه «انطلق»، لا تنظر إلى الخلف، وتلتزم بأهدافك، وربما عليك فقط أن تعيد صياغة فكرتك الغبية على أنها فكرة ذكية جديدة، فما الذي يمنع من أن تكون فكرتك ذكية وجديدة.

التغيير يحدث دائما

يرى ريتشي أن التغيير يحدث دائما، وفي كل شيء، وهذا أمر محفز للاستمرار بالإيمان بأفكارنا وابتكاراتنا، وهو يقول «كثير من الابتكارات الناجحة تأتي من أفكار «غبية»، والتي تصبح في نهاية المطاف المعيار الجديد في المجتمع، ومن أجل تحدي المعايير الحالية ومواصلة تدفق الابتكار هذا، يجب أن تتوصل إلى أفكار أكثر غباء، فأنت تحد نفسك تلقائيًا من خلال عدم إعادة تقييم الوضع الراهن. العنوان فكرة بدء شيء غبي

«The Power of Starting Something Stupid»

المؤلف ريتشي نورتون

اللغة الإنجليزية

الصفحات 320