كم هو جميل ذلك العطاء الذي يغمر أرواحنا في بدايته ليشعرنا بلذة السعادة.

العطاء ليس في كيفيته أو كم وزنه في معيار البقاء بل هناك ما هو أوسع وأشمل داخل صندوق الوفاء.

تابعنا خلال الأيام الماضية قضية الممثل صاحب الكاريزما (جوني ديب) التي أصبحت قضيته قضية (رأي عام) فبيوم وليلة أصبحت متداولة في كل وسائل السوشيال ميديا التي أجزم بأنه لم يتوقع ولو بنسبة ضئيلة أن يصبح حديث العالم وأكثر تداولًا من كونه ممثلًا.

لم تكن قضيته قضية شخصية بل تعدت ذلك الأمر بأن تجاوزت أسوار سلسلة (جاك سبارو) إلى ما هو أعمق من ذلك جعلت قضيته تجد صدى واسع الانتشار وتعاطفًا كبيرًا معه.

لا يخفى على الجميع قيمة العطاء داخل كل قلب قدم ما بوسعه لإسعاد من يحب ومن حوله والذي من المفترض أن يكون المقابل تقدير وامتنان.

ما حدث مع(جوني ديب) ليست فقط مسألة تقدير عشرة كانت بين شخصين لا بل تجاوز الأمر إلى سحب البساط من تحت قدميه ممن كان هو بيومٍ من الأيام سبب في نجاحهم.

من منا من لم يجرب الخذلان ممن قدمناهم على أنفسنا لتكون المكافأة كسر أجمل صورة للوفاء فينا وهناك من لم يقف الأمر على ذلك بل أصبحوا بيومٍ وليلة أعداء يرمون بأحجارٍ ملتهبة على زجاج طيبة قلوبنا.

من منا لم يذق نشوة الانتصار بعد سعي طويل لإظهار الراية البيضاء للحق.

نعم إنها نشوة الانتصار التي تأتي بعد بذل مستمر للحصول على بوادر من الأمل التي تفتح أبواب كثيرة من البدايات الجديدة والتي ستخلو من الاختيارات الخاطئة، فالعطاء لا يدوم إلا مع أصحاب الأيادي الوفية التي تسكبه في بحر وفائها له لا تعترف بجفافه بل أنها تمده من عمق وصلها.

كم مر على ذاكرتنا من قصة للعطاء خلال متابعتنا لتلك القضية وما زلنا نقطف ثمار بقائها وأيضًا كم من موقفٍ خُذلنا فيه وتركت أشواكه متشبثة في حنجرة حديثنا.

لم تكن مجرد قضية فتحت فصولها وستُغلق بل هناك ما هو خلف الشاشات كم هائل من سطور التساؤلات التي يحملها الفصل الأول عن قصصٍ مغلقة النوافذ بداخلنا لا نود أن يراها النور حتى لا تخدش كبريائنا تعبر عنها تنهيدات تسيل بعدها دموع تغرق المعاني في بحور الاعترافات وكلما حاولنا الوقوف يعبر من أمامنا نسمة هواء خفيفة تسقطنا سريعًا.

نحن مدينون لأنفسنا بصدقها ووفائها ومهما حدث معنا من أزماتٍ تمزق حبال وصلنا للحياة نعود من جديد لطبيعتنا بعقود وفاء وعطاء لا تذبل جذورها بأعماقنا.

فإلى كل من شوه وجه جمال العطاء والوفاء بزيف أخلاقه هذه الرسالة:

(ما تقدمه اليوم سيُقدم لك غدًا وأن العبرة في النهاية وأن كسبت ميزان العدل في بدايتك سيأتي يوم وتكون خلف أسوار نوايا صنيعتك).