وبات التسويق ركناً أساسياً من أركان المؤسسات القائم منها والناشئ قبل ما لا يقل عن ثلاثين عاماً وأكثر، فهل استطاعت المؤسسات دوماً أن ترسم خارطة طريق قادرة على استلهام النظرية للوصول إلى تطبيق أكثر نجاحاً؟
يحتاج مدير التسويق من أجل وضع خطة تسويقية ناجحة إلى نظام يساعده على التفكير بطريقة منظمة، وعلى تحديد النموذج الاقتصادي الذي سيعتمده في خطته التسويقية، فعملية تخطيط التسويق ليست تتشابه بالضرورة مع الخطة الفعلية ذاتها، حيث تعالج الخطة التسويقية نوعين من المتغيّر هما العوامل الاقتصادية والسوقية التي لا تمتلك الشركة سيطرة عليها، والمتغيرات التشغيلية كموارد الشركة الداخلية وهي التي تمتلك المؤسسة سيطرة كاملة عليها.
وربما يكون من السهل التنظير لخطة تسويقية ما، ففي النظرية يتم معالجة قضايا مثل السوق، وسماته، وأدواته، وأنماطه، ومن الذي يصنع القرارات داخل المؤسسة، وما هي المهمة المراد تنفيذها من خلال الخطة التسويقية، وما هي الموارد المالية المطلوبة لتنفيذ الخطة، وما هو حجم المبيعات المتوقع، حيث يتم استخدام الرسوم البيانية لإيضاح جميع تلك العناصر، بالإضافة إلى تحديد نقاط القوة والضعف والمخاطر والفرص التي تتصل بالخطة التسويقية، مع الأخذ بعين الاعتبار المؤثرات الخارجية والداخلية على كل تلك العناصر.
وفي التطبيق، نجد أن الخطوط العريضة قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة في سياق عدد من المهام التي ربما تقود لاحقاً إلى بروز مجموعة من التحديات الإدارية التي يجب توقعها، ووضع خطط للتعامل معها قبل حدوثها، حيث يجب على العاملين في الإدارات التسويقية فهم حجم الخطة التسويقية وفق أهدافها الإستراتيجية، وإدراك الفرق بين الخطة التسويقية التي تلائم مؤسسة كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، ومعرفة الأدوار المختلفة للإدارات في المؤسسة فيما يتعلق بالسياق التنفيذي للخطة التسويقية.
ومن الضروري إدراك الأهمية البالغة لإدارة الخطة التسويقية وفق منهج بعيد عن الجمود والإفراط في البيروقراطية، ووضع نظام عمل يمكِّن إدارات المؤسسة المختلفة من التكامل مع إدارة التسويق فيها، ويكون للرئيس التنفيذي والإدارة العليا دور يتسم بالنشاط والفعالية، حيث يكون التنفيذ خاضعاً في جزء منه لتوجيهات تلك الإدارة، حيث يكون الجانب المعلوماتي المتعلق بعمليات التنفيذ ومخرجاته حاضراً بشكل يومي على أجندات عمل الإدارة العليا.
لقد بات التسويق اليوم الأداة الأكثر أهمية في جميع المؤسسات لضمان استمرار مؤسسة ما أو خروجها من السوق، ولم تعد مسألة بقاء المؤسسة تتعلق فقط بجودة الخدمة أو المنتج، ولهذا فإن تحقيق طموحات ومتطلبات العملاء قد أصبح هو كلمة السر في نمو وبقاء وربحية المؤسسات، والخطة التسويقية الناجحة هي تلك التي يجب أن تستوعب روح التخطيط الجيد في إطاره النظري، ومن ثم يقوم العاملون على تنفيذ تلك الخطة بتجيير تلك الأطر النظرية وتطويعها لكي تكون قابلة للتنفيذ وفق إطار مرن يراعي تغييرات السوق، ليس فقط على صعيد المتغيرات المتسارعة في أذواق المستهلك، ولكن أيضاً على صعيد ما يشهده السوق من ابتكارات تتعلق بطرق وأساليب التسويق، وتطويع تلك الأساليب لتكون متلائمة مع التكنولوجيا الحديثة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من نشاط الإنسان اليومي.