بين ما تتوقع وما يحدث، خُلق الإنسان للسعي، وفي درب هذا الغرض نحدد ما نريد ونخطط وننفذ ونتابع، قد نُمنح خيارات مفتوحة، وقد تُحدد لنا تلك الخيارات، وقد تأخذنا دروب الحياة عنوة للتنفيذ مباشرة أو لمتابعة أحداث لم نُخطط لها.

قد تكون هناك مساحة بين ما نريد، وما يحدث، تختلف في حجمها وأبعادها بين قدر وخيارات سابقة، قدر مُسلِمين له ومؤمنين بخيره وشره، ونحن نعلم أننا في عناية الله اللطيف الرحيم، ورغم ذلك الإيمان مازلنا نملك خيار التغيير بطرق كثيرة ومشروعة، فلسنا قَدَريين ولا مُلحدين، نحن نؤمن، نعمل، نتوكل، ونسعى بين الاستمرار في التبعات أو البحث عن مخرج أو نقطة التقاء للوصول إلى ما نريد.. بين ما تم وما لم يتم، بين ما رسمناه، وما طُبع على اللوح المحفوظ، بين ما حلمنا به وشعرنا أنه حقيقتنا، وبين واقعنا الذي لا يعترف بالأحلام.

نملك سراجاً لا يغيب، إصرارنا وقود شعلته، عزيمتنا فتيله، وأحلامنا ذلك اللهب الذي لا يعرف الرماد، هو الأمل المرتبط بالغد وأن القادم أجمل، والعسر المرتبط باليسر توكيداً مضاعفاً، وأن بين الصبر والحلم علاقة لا تفتر، فالأحلام تكبر به وتزهو وتثمر، لِتُنسينا بطعمها مرارة الانتظار وحنق طوله وملامة تأخره. ذاك الشعور الذي يغمُرنا حين تهبط علينا أحلامنا السماوية هو شعور لا تصفه حروف الأرض ولا لغاتها، لأنه قادم من الأفق، مختلف، وهذا ما يجعلنا نحترق شوقاً للقاء.

هو هدنة بيننا وبين الأيام، نتقبل بها ما نتلقاه منها، وما تحمله لنا من مفاجات، بها نكمل المسير ولو ضيعنا المشوار، ولو تغيرت الوجهة، ولو اعترى دربنا المراد ما اعتراه. نحن مازلنا على قيد الحياة، إذا مازلنا نملك الخيار كذرة اأكسجين تداعب أرواحنا الحية، و لنعتبر ذلك الأمل، قسم الحياة الذي قطعناه لأنفسنا: «مازال هناك أمل مادام في العمر بقية».