كنا على خط زمني متزن التسارع، تمضي الأيام كالأيام، والشهور كالشهور، وتمر السنون بأحداث مُتزنة، تليق بطول أيامها وتعدد شهورها واختلاف فصولها.

نعيش ضمن ثوابت راسخة، ومسلمات ثابتة، وركائز نتمسك بها، لكن في ظل الظروف التي مررنا بها، ابتدءا بالجائحة ومرورا بالتغيرات السياسية والاقتصادية التي ترتبت عليها، وتبعا لردات الفعل التي تزامنت مع الوضع الجديد، والاحتياطات والاحترازات والبروتوكولات الدولية، و... و...، ومثل كل المواقف غير المتوقعة، تظهر الحقائق، ويتجلى المنظور، ويتبخر السراب، وتنقشع الضبابية، وتتضح الرؤية، وتصفو الصور، وتسقط الأقنعة، وتتهاوى الادعاءات، وينجلي الخداع.

وككل المحن والأزمات، يظهر المستغلون، وتُحاك الخطط في الخفاء، وتنعقد الاجتماعات في السر، وتذاع الشعارات الواهية التي سينزلق فيها أصحاب الفكر المُسطح.

وفي ظل كل هذا الزخم والصخب والتسارع اللامعقول في الأحداث، نفقد الكثير من الثوابت والركائز التي كانت ترشدنا، وتساعدنا في تلمس الصواب.

وبين كل ما نعرف وما نجهل وما نسعى لمعرفته، وما نتعمد تجاهله، كان وما زال الوطن كل شىء، هو الملاذ والملجأ والحماية، هو الأمان النابع عن ثقة ويقين بأننا الأولوية عنده مثل ما هو كذلك لدينا، هو الالتزام والمسؤولية والحب، هو جاذبيتنا الأم، وانتماؤنا الأوحد. وكسعوديين أثبت لنا الوطن أسمى معاني التكفل والرعاية، حقق لنا المفهوم الكامل للوطن الأمثل، وبدأ العالم يهتف من حولنا «نريد مثلهم، نتمنى ما لديهم، نسعى لما حققوه».

كل يوم نتصفح أخبار العالم، فتزورنا آلاف المشاعر، نفخر بما حققنا، ونسعد لما توصلنا إليه، ونحتفل بنجاح، نعتز لتقدم، ونأمل لتحقيق رؤية ووصول لهدف، ونستشعر حظنا العظيم في ظل النعم التي ننعم بها، نحمد الله على ما منحنا، وعلى ما نعيشه ونصبح ونمسي عليه. صدقوني الوطن جذور الحياة، به نخضر، ونملك براعم ومستقبلا، ومنه نزهر ونثمر.

نتمتع بدورة حياة كاملة ومتكاملة، لنمر بكل ما هو طبيعي وحي، به تتدفق الحياة الخضراء في عروقنا وفي أرواحنا.

حفظ الله الوطن، وأعان من اُقتلعت جذوره فيبس وانتهى.