كنت أعتقد أن المعارك الأدبية تثري الوسط الأدبي وتوسع مدارك الجميع (الخصوم، والجمهور)، لكني رأيت أن المعارك تكشف حجم ومستوى الثقافة لدى الإنسان.

مهما كانت أخلاقيات المثقف أو الإنسان عالية وراقية، إلا أن المعارك تفرض أخلاقياتها على المتخاصمين، وتجرهم للشخصنة.

ثلاثة مثقفين دخلوا معركةً بعدما خلعوا رداء الثقافة، وليست المشكلة أنهم تعاركوا، لكن المشكلة أننا نسميها «معركةً أدبية»..!


حاول المقدم «عبدالله البندر» في برنامجه «مخيال» على القناة السعودية، أن يفتح حلبةً لصراعٍ ثقافي، باستضافة الروائي الجماهيري «أسامة المسلم» والناقد «سعد البازعي» في حلقتين متتاليتين، إلا أن النزال انحرف إلى معركةٍ شخصية تدخل فيها الناقد «عبدالله الغذامي» بأكثر من منشور على منصة «إكس» بكلمات أو لكمات انتقامية وجهها لزميله الناقد «سعد البازعي».

الحقيقة أن الخلاف في وجهة النظر حول روايات «أسامة المسلم» طبيعي وفيه واقعية، وكنت أتوقع وأتقبل أن ينحرف به الجمهور، لا أن ينحرف بفعل المثقفين بما فيهم الروائي، الذي أخذته العزة بالجماهيرية والطوابير في معارض الكتاب، فبالغ في مخاصمة المنتقدين لأعماله الروائية، وكذلك فعل الناقد «سعد البازعي»، الذي أدخل رواية المسلم في مقارنة مع أعلام الرواية في السعودية دون داعٍ.

وبكل صدق كان الأسوأ في المعركة «عبدالله الغذامي» الذي استجر خلافاته السابقة مع «البازعي» تلميحًا، وما دار بينهما من «حظر» في منصة «إكس» إلى ساحة المعركة دون داعٍ.

لو استمعت إليهم ثلاثتهم ستجدهم يقولون إن «المثقف والناقد الأدبي هو شخص واسع المعرفة، يمتلك وعيًا نقديًا، ويسهم في تشكيل الوعي العام من خلال آرائه وأفكاره في مختلف المجالات»، وستسمع منهم أن «تعدد وجهات النظر والخلاف الثقافي يثري المشهد»، بينما سترى أن معركتهم أثرت المشهد بالسلبية والشخصنة.

للتاريخ، هل تذكرون المعركة التي دارت حول رواية «بنات الرياض»؟

أخيرًا: أرشيف الأندية الأدبية وأرشف الصحف والمجلات السعودية، يزخر بالكثير من المعارك الثقافية التي تستحق أن تُعاد روايتها لإثراء المشهد الثقافي، وأجزم أن قناة «الثقافية» تستطيع فعل ذلك بقيادة الإعلامي «مالك الروقي» الذي استطاع أن يصنع إعلامًا ثقافيًا يجذب المشاهد والمتابع، ويعكس صورة ثقافيةً سعوديةً فارهة.