جرت العادة أن يميل الكُتّاب إلى النقد أكثر من الثناء، وهذا ما التزمنا به لسنوات. لكن هذا المقال استثناء بكل المقاييس! فقد كنت أفكر في كتابته لأشهر، لأن الشخصية التي أتناولها تستحق أكثر مما يمكن أن يخطه القلم. نحن نتحدث عن شخصية استثنائية جمعت بين المهارات والمؤهلات والصفات والإنجازات التي نادرًا ما تجتمع في شخص واحد، وهو معالي الدكتور مساعد العيبان.

أن تكون خريج جامعة هارفارد، التي تُعدّ الأولى عالميًا، هو إنجاز بحد ذاته، وأن تتخرج فيها متخصصًا في القانون، أحد أبرز التخصصات التي تشتهر بها، فهو تميز إضافي. لكن بالنسبة للدكتور مساعد لم يكن هذا سوى بداية مسيرة استثنائية.

للدكتور مساعد العيبان صفات ومهارات وإنجازات عديدة أكثر من أن تعد في مقال، لكن هناك ثلاث ميزات فريدة تجعله استثنائيًا بكل المقاييس:


1. الجمع بين التميز الأكاديمي والنجاح العملي:

أن تكون أكاديميًا ناجحًا هو أمر رائع، وأن ترأس قسم القانون الأول في المملكة فلا شك أنه نجاح أكاديمي باهر، ولكن قلّما يقترن النجاح الأكاديمي بتميزٍ مماثل في المجال العملي. فليس كل أساتذة القانون هم أفضل المحامين، ولا كل أساتذة الاقتصاد هم أغنى الناس! لكن الدكتور مساعد كسر هذه القاعدة، إذ لم يقتصر تميزه على المجال الأكاديمي، بل تجاوز ذلك، ليحقق نجاحات وإنجازات أكبر في الحياة العملية.

2. كسب ثقة ثلاثة ملوك متعاقبين:

ليس من المعتاد أن يحظى شخص بثقة الملوك والقادة على مر العقود، فالقاعدة المتعارف عليها تاريخيا هي أن «لكل زمان رجاله»، وعادةً ما يأتي كل حاكم بفريقه الخاص. لكن استمرار الثقة بالدكتور مساعد في موقعه، وعبر مراحل متعددة من الحكم وحتى الاعتماد عليه في مجالات مهمة، هو دليل على احترافية استثنائية وقدرات فريدة، جعلته خيارًا ثابتًا في معادلة الإدارة والكفاءة

3. رجل الملفات الصعبة:

من يتتبع مسيرة الدكتور مساعد يدرك أنه كان دائمًا في قلب الملفات الشائكة والمعقدة. كان له دور محوري في إدارة ملف الحدود بين المملكة وجيرانها، وهو ملف دقيق يتطلب حكمة بالغة ودبلوماسية عالية، إذ يجب الحفاظ على حقوق المملكة مع مراعاة العلاقات الأخوية بين دول الخليج، كمن يمشي بدقة واحتراف على خيط رفيع! وكما أنه كان مسؤولًا عن ملف الأمن السيبراني، في وقت كانت فيه المملكة تواجه تحديات غير مسبوقة، وكانت ستكون هناك نتائج كارثية، لعب دورًا أساسيًا في جعلها اليوم واحدة من الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال.

إلى جانب ذلك، تولى ملفات حساسة، مثل إعادة هيكلة الاستخبارات، والاتفاق السعودي - الإيراني في الصين بكل تعقيداته وتشابكاته، والاتفاقية الدفاعية والأمنية مع الولايات المتحدة، وغيرها من الملفات التي تتطلب مهارات تفاوضية وإدارية على أعلى مستوى.

القدرة على النجاح في الملفات الصعبة تُعد مهارة استثنائية بحد ذاتها، إذ إن القاعدة الطبيعية تقول إنه «كلما زادت تعقيدات الملف انخفضت احتمالات النجاح»، لكن عندما يكون الدكتور مساعد جزءًا من المعادلة، فإن هذه القاعدة تنقلب رأسًا على عقب!

يقول المثل الإنجليزي: He talks the talk and walks the walk، ولكن الدكتور مساعد يقوم بـwalk the talk، فأفعاله تسبق أقواله!

عندما يُكلف الدكتور مساعد بملف معين، فإنني شخصيا أشعر بالثقة بأنه سيديره باحترافية، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حفظه الله وأطال عمره، وهو المعروف ببراعته في اختيار الرجال الأكفاء، منح ثقته للدكتور مساعد، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية الإستراتيجية الثاقبة، هو يعرف أعضاء فريقه خير المعرفة، ويعرف أين يضع كل عضو في المكان الذي يناسب مهاراته وخبراته، لذا أوكل إلى الدكتور مساعد الملفات التي تحتاج إلى خبرة ودقة منقطعة النظير، مما يعكس حجم الثقة التي يتمتع بها.

قد يقال إن الدكتور مساعد لم يُسلَّط عليه الضوء بما يكفي، لكن يبدو أن هذا يتماشى مع شخصيته، فهو لا يسعى إلى الأضواء، بل يستمتع بالعمل بصمت، ويركّز على تحقيق النتائج بعيدًا عن الضجيج الإعلامي. قد يكون هذا أسلوبه، وربما جزءًا من فلسفته في النجاح، لكنه بلا شك هو رجل الإنجاز لا الاستعراض، حيث ترك لنفسه الإنجاز وترك الأضواء لمن يريدها.

يشغل الدكتور مساعد العيبان مناصب عدة، منها وزير دولة، عضو مجلس الوزراء، ومستشار الأمن الوطني، وينتمي إلى عائلة عريقة تبوأت مناصب رفيعة في الدولة، حيث شغل والده رئاسة الاستخبارات العامة. لكن بعيدًا عن الألقاب الرسمية، فإن اللقب الأكثر تعبيرًا عنه هو «رجل دولة» (Statesman)، وهو لقب لا يناله إلا قلة من المسؤولين حول العالم. كثير من الناس ممكن أن يصبحوا وزراء ومسؤولين، ولكن القلة القليلة ممكن أن تصبح «رجال دولة»!

نحن ننتمي لمدرسة السياسة الواقعية، واطلعنا على سير كثير من المسؤولين ورجال الدولة في العالم وعبر التاريخ. وبناءً على إنجازاته المميزة، يمكن تصنيف الدكتور مساعد العيبان ضمن الصف الأول من رجال الدولة الذين أحدثوا تأثيرًا ملموسًا في أوطانهم، ليس فقط كوزير، بل كرجل دولة إستراتيجي أسهم وخدم في رسم وإنجاز سياسات المملكة داخليًا وخارجيًا.

وكما يقول المثل الإنجليزي: Not all heroes wear capes، فليس كل الأبطال يأتون بزي ويحبون الأضواء، حيث إن بعضهم يفضل العمل بصمت، لكن أثرهم يتحدث عنهم، والدكتور مساعد العيبان، بلا شك، هو أحد هؤلاء الأبطال.