لعقود من الزمان، ناقش العلماء ما إذا كان شعورنا بالعدالة -ذلك الشعور الغريزي عندما يحصل شخص ما على صفقة أفضل منا- شعورًا إنسانيًا فريدًا أم أنه شعور مشترك بين أنواع أخرى ومنها الحيوانات.

تشير دراسة تحليلية شاملة جديدة إلى أن الحيوانات ربما لا تهتم بالعدالة، وتتحدى النتائج، التي نُشرت في Proceedings of the Royal) Society B)، فكرة أن الأنواع الأخرى تُظهر «نفورًا من عدم المساواة»، وهو رد فعل سلبي لتلقي أقل من الآخرين.

حلل الباحثون بيانات 23 دراسة تغطي أكثر من 60.430 ملاحظة عبر 18 نوعًا مختلفًا، من الشمبانزي إلى الببغاوات، مع التركيز بشكل خاص على التجارب التي يمكن للحيوانات فيها قبول أو رفض المكافآت المقدمة.


عدالة الحيوانات

بدأ البحث العلمي في عدالة الحيوانات وغيرتها بشكل جدي عام 2003 مع دراسة أجراها عالم الرئيسيات فرانس دي وال على قرود الكابوشين.

في التجربة، قام قردان بأداء نفس المهمة للحصول على مكافآت، عندما تلقى كلاهما شرائح الخيار، أكملوا مهامهم برضا، ومع ذلك، عندما تلقى أحد القردين عنبًا، بدلاً من الخيار، بدا أن القرد الآخر يحتج برفض الخيار وحتى رميه مرة أخرى على الباحث.

لقد أصبح هذا العرض الواضح للعدالة مثيرًا للدهشة، مما يشير إلى أن القرود أيضًا تدرك عدم المساواة.

كما أظهرت دراسات مماثلة أجريت على الغرابيات والكلاب والفئران استجابات مماثلة، ومع ذلك، يرى الباحثون أن هذا تفسير مفرط في التبسيط، حيث ينسب خصائص بشرية إلى سلوك الحيوان.

الإحساس بالعدالة

إحساسنا بالعدالة في توزيع الموارد يشكل عنصرًا أساسيًا في المجتمع البشري، وهو ما مكن أسلافنا من بناء الملاجئ، وتقاسم الغذاء، وغيرها.

يقول المؤلف الرئيس، أوديد ريتوف، وهو طالب دكتوراه في السنة الرابعة في قسم علم النفس في جامعة كاليفورنيا في بيركلي؛ «لقد اعتقدنا أنه سيكون مساهمة قيمة في محاولة جمع أكبر قدر ممكن من البيانات حول هذه المسألة ومعرفة نوع النمط الذي يظهر مع مجموعة البيانات الأكبر».

التحقق من السؤال

للتحقق من هذا السؤال بشكل منهجي، أجرى الباحثون تجارب اختبرت استجابات الحيوانات للمكافآت غير المتساوية، وكان الإعداد النموذجي يتضمن قيام حيوانين بأداء مهمة، وغالبًا ما يتبادلان الرموز مقابل مكافآت الطعام.

وفي بعض الأحيان، يتلقى كلاهما نفس المكافأة، وفي أحيان أخرى يحصل أحدهما على شيء أفضل.. فهل يحتج الحيوان المحروم برفض المشاركة؟.

نتائج التحليل

على مستوى الأنواع المختلفة، لم يجد التحليل أي دليل قوي على أن الحيوانات ترفض المكافآت على وجه التحديد بسبب المعاملة غير العادلة، ورغم أنها رفضت في بعض الأحيان مكافآت أقل بعد رؤية مكافآت أفضل، فإن هذا السلوك كان من الأفضل تفسيره بخيبة الأمل البسيطة، وليس الشعور المتطور بالعدالة. الدراسات المتابعة

دعمًا لهذا التفسير، أظهرت دراسات المتابعة ردود فعل مماثلة حتى عندما تم وضع مكافآت أفضل في أقفاص فارغة، حيث لم يكن هناك حيوان آخر حاضر لإثارة الغيرة.

يقول ريتوف «لا نستطيع أن نزعم أن الحيوانات تشعر بالغيرة بناءً على هذه البيانات، وإذا كان هناك تأثير، فهو ضعيف للغاية، لكنه لا يشبه أبدًا ما نراه لدى البشر من حيث شعورنا العميق بالعدالة».

قدرات معرفية

لكن هذا لا يعني أن الحيوانات تهتم بمصالحها الذاتية بالكامل، ذلك أن عددًا من الأنواع تتعاون على نطاق واسع وقد يكون لديها طرق أخرى للحفاظ على علاقات منصفة، ولكن القدرة المحددة على التعرف على المعاملة غير العادلة والاحتجاج عليها -وهي حجر الزاوية في علم النفس الأخلاقي البشري- تبدو وكأنها قدرة بشرية بحتة.

تمييز خيبة الأمل

عند النظر إلى القرد الذي ألقى الخيار على الباحث، يشير ريتوف إلى أن هذا التصرف كان مدفوعًا بخيبة أمل الحيوان، كما يقول: «يبدو أنه كان يحتج على عدم معاملة البشر له كما ينبغي»، هذا التمييز بين خيبة الأمل والعدالة يسلط الضوء على مدى صعوبة تفسير سلوك الحيوان دون إسقاط الصفات الإنسانية عليه.

ملخص الورقة

أجرى الباحثون تحليلاً تلويًا لبيانات المشاركين الأفراد، مع التركيز بشكل خاص على نماذج القبول/الرفض، حيث يمكن للحيوانات إما قبول أو رفض المكافأة بعد رؤية ما حصل عليه شريكها، مكن هذا النهج الموحد من إجراء مقارنة ذات مغزى عبر الأنواع والدراسات، مع ترميز دقيق لما إذا كانت الظروف «غير عادلة»، حصل الشريك على معاملة أفضل، أو ببساطة تنطوي على التعرض لمكافآت أفضل.

نتائج التحليل

عند تحليل أكثر من 60 ألف ملاحظة، وجد الباحثون أنه في حين أن الحيوانات غالبًا ما ترفض المكافآت الأقل، فإن هذا السلوك لم يكن مرتبطًا بشكل خاص برؤية الآخرين يحصلون على معاملة أفضل. بدلاً من ذلك، كان مجرد التعرض لمكافآت أفضل -بغض النظر عما إذا كان حيوان آخر قد حصل عليها- كافيًا لإثارة الرفض، يشير هذا إلى أن الحيوانات كانت تستجيب لخيبة الأمل وليس الظلم.

قيود الدراسة

لم تتمكن الدراسة من تضمين كل الأبحاث ذات الصلة، لم تكن البيانات من 7 من أصل 30 دراسة مؤهلة متاحة، بالإضافة إلى ذلك، لم ينظر التحليل إلا إلى نوع واحد من الإعدادات التجريبية «نماذج القبول/الرفض»، ولم يتمكن من تفسير المواقف الأكثر طبيعية، حيث قد تظهر الحيوانات مخاوف بشأن الإنصاف، كما لاحظ الباحثون أن الأفراد أو السياقات المحددة قد لا تزال تثير استجابات شبيهة بالإنصاف، حتى لو لم تكن سمة عامة عبر الأنواع.

لا يمكن تفسير احتجاج الحيوانات على الظلم بأنه غيرة. احتجاج الحيوانات قد يكون استجابة لخيبة الأمل.