والأدهى والأمر هو الدفع بعقول هؤلاء من قبل أساطين الشر واستغلال ضعفهم واستمالة أفكارهم إلى حيث الانحراف والعبث بأذهانهم وجرهم إلى الخزي والمآسي على نحو يتجرد من كل معاني الإنسانية بمفهومها الشامل، ليس من اتجاه سوى ما تفرضه الفطرة السليمة على العقل والقلب معًا.
قال تعالى «نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم» يستفاد من هذه الآية الكريمة أن النساء حرث للرجال بمعنى موضع زراعة، فمن أين للرجل مع الرجل أو من المرأة مع المرأة موضع للزراعة فكيف يستقيم الوضع والحالة تلك؟ اضطراب الأفكار وتداخل الرؤى وضعف الإدراك مسببات تدفع باتجاه استغلالهم ودفعهم إلى الخوف من المجهول وتسطيح أفكارهم والإخلال في توازنهم النفسي. في تقديري فإن الحد من هذا الجنوح يكمن في اليقظة والحرص والانتباه من المراحل الأولى أي من الصغر، فرس الرهان الشفافية الغائبة عن أذهان الكبار لكي لا يدفع ثمن ذلك الصغار، ولكي لا يتم العبث بعقولهم وميولهم، والتي بلا ريب تحتم المعالجة النفسية والإرشاد الروحي، الاضطرابات العاطفية التي تتمثل على شكل سلوك وتصرفات ودوافع جنسية غير طبيعية، تؤدي بطبيعة الحال إلى الانحراف الجنسي.
العلاج السلوكي المعرفي يمكن أن يساعد المصابين بهذه الَآفَة، إلى ذلك فإن من الواجب أن نكثف الحوارات المباشرة معهم ونقترب منهم لنواكب تفكيرهم في ظل عصر السرعة الجنونية للتقنية، وما يقذفه الفضاء من فضلات بين الحين والآخر، وهي أشبه بقيادة مركبة 180 كلم في الساعة والسائق مطفئ النور، فلا تأمن الصدمات والحالة تلك، تمرير المعاني القيمة التي تخاطب الأفئدة الغضة والقلوب الناشئة. كذلك العناية بمشاعرهم وميولهم ورغباتهم وصيانة أفكارهم، ناهيك عن دور علماء النفس والاجتماع للحد من ازدياد أعداد المفصولين عن واقعهم ومحيطهم تحت وطأة هذا المرض الذي جثم على العقول والقلوب.
الخالق تبارك وتعالى منح البشر العقول وسخر لها العلم والمعرفة لتتحمل مسؤولياتها الأدبية والأخلاقية في المحافظة على الإنسان وشرف حمل المسؤولية الأدبية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان قيمة.
الالتزام الأدبي والأخلاقي يحتم الأخذ بأيدي هؤلاء لإعادتهم عناصر فاعلة في المجتمع وتأهيلهم نفسيًا وجسديًا وتنشئتهم تنشئة سوية كما يحب ربنا ويرضى. التواصل المستمر بشفافية وأريحية ووضوح هو النتيجة الطبيعية للحياة الآمنة التي تتمناها كل أسرة لأبنائها وبناتها، بل إن تسخير المارد القادم الذكاء الاصطناعي في الاقتراب منهم ودعم الحالات في مقتبل العمر، ودرء التقلبات المؤذية وفقا لعوامل وهواجس تسبق إدراك الصغار وإحاطتهم بأبعاد هذه الآفة.
إن طاعة الخالق تبارك وتعالى هي كل ما يتوجب على الإنسان فعله، الذي خلقه المولى - تبارك وتعالى- في أحسن تقويم ليكون قويًا في شخصيته معتدًا باعتباره، إنهم بحاجة إلى الإيمان بالأفئدة لتنير لهم طريق السكينة وتعبر بهم جسر الطمأنينة وراحة الضمير. ولله الأمر من قبل ومن بعد.