ولكن كورزويل يستخدم الكلمة لكي يشير إلى اقتراب حدوث انكسار تاريخي جذري بالغ العمق، من شأنه تغيير كل ما يؤلف طبيعة الكائن البشري، ومستحيل بعدها أن تظل أحوال الناس على الشكل الذي نعرفه.
والفكرة التي كانت تلح على ذهن كورزويل طيلة الوقت هي أن ما يسميه التطورات الثورية التي تدخل على البرمجيات في مجال الكمبيوتر سوف يتم من خلال تطبيقها القضاء على كل الأمراض والأوبئة، بل والأغلب على عملية الشيخوخة ذاتها، ما يعني أن يكون في استطاعة الإنسان أن يعيش إلى الأبد.
فقدرة الإنسان على التغيير وعلى توسيع ومد افاقه وامكاناته إلى مجالات جديدة، قدرة غير محدودة، كما أن إمكانيات التغيير ذاتها أيضا غير محدودة، بحيث يمكن القول إن العقل البشري يستطيع امتصاص واستيعاب أي شيء في الكون من مادة وطاقة، وأن يحد مع هذه المكونات، بحيث تنتقل إليها قدراته وإمكانياته المميزة للبكاء الإنساني، مما يساعدها بدورها على خوض المجالات أوسع وأكثر رحابة وعمقا وتنوعا، فالفرادة إذن حالة غير مسبوقة، فيتامين الجنس البشري، كما أن التغييرات الهاوية والشاملة التي ستطرأ على الحياة سوف تتطلب توافق قدرات هائلة مماثلة لتلك المتغيرات اللامحدودة والمحدودة، لأن الفرادة حسب ما يقول كورزويل ظاهرة حادثة لا تنتمي للبيئة التي ألفناها خلال القرون الطويلة الماضية، ولذا فسوف تظهر اتجاهات وحركات اجتماعية وأخلاقية بل وروحية لا عهد للإنسان بها، ولكنها تتلاءم مع ذلك التقارب والترابط الشديدين بين الإنسان والله، أو بين التكنولوجيا البيولوجية في وقت قصير للغاية، وبذلك يتحقق ما سبق أن تنبأ به الفيلسوف الفرنسي بيير تيير دوشاردان في أنه في يوم من الأيام بعد أن يكون الإنسان قد تمكن من السيطرة على الرياح وحركة الأمواج وعلى الجاذبية فإنه سوف يتمكن من التحكم في قوى الحب، وبذلك يتمكن للمرة الثانية في تاريخ العالم من اكتشاف النار، أي سر الحياة ذاتها، وذلك في إشارة واضحة لأسطورة برومثىوس والفناء المؤكد للحياة والعالم، وفوق كل ذي علم عليم.