عيون المسلمين ترنو إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة في كل الأوقات، تراقبها، ترى جميع ما نفعله في الليل أو في النهار، يتوقعون منّا الأفضل والأميز كما تعودوا منا دائماً.

العيون في شهر رمضان المبارك تراقبنا، وبالتأكيد أنها تتوقع منّا النجاح، كما نحن دوماً، ففي جميع الرهانات السابقة كنّا على قدر الثقة والمسؤولية.

على مدى أكثر من ثلاثة قرون لدولتنا المملكة العربية السعودية، قدَّمنا لمكة المكرمة والمدينة المنورة الكثير، ولدينا أيضاً الكثير لنقدمه في السنوات المقبلة، جدنا بجميع ما نستطيع في مجالات عمارة بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، والتطوير الكبير في مرافقهما وخدماتهما ذات العلاقة، وتوفير المياه ووسائل النقل وتنظيم السير وتهيئة كل أشكال السبل لإقامة الصلوات الخمس والتراويح والتهجد، بشكل انسيابي جميل وبنظام دقيق وأمن كبير لأكثر من مليوني مصلٍّ، هذا ديدننا منذ عهد الآباء المؤسسين ـ طيب الله ثراهم ـ.

في ضيافتنا اليوم للمعتمرين كلهم من دون استثناء، الذين وفدوا إلينا من جميع أنحاء العالم، نحن نعتبرهم أهلاً وأصدقاء، نقدم لهم تجربتنا وخبرتنا في الحياة، ونجود بجميع ما نملك ليكونوا بين أهلهم وذويهم.

الضيوف الذين سيحلون في شهر رمضان بوطننا «وطن الإسلام والمسلمين» سيجدون جميع ما يبهج خاطرهم، ويهنأ به بالهم، سيتعرفون إلى وطننا الذي خصه الله سبحانه وتعالى دون سائر شعوب العالم وبلدانها، وشرَّفه بأن جعله مأوى القبلتين الشريفتين، ومهبط الوحي، وأرقى الرسالات، ونبع الإيمان الصافي، ومهد الإسلام دين البشرية جمعاء.

سيأتون من شتى الأرض المعمورة لنخبرهم ما لدينا، اليوم هم هنا، بيننا ومعنا، في مكة المكرمة والمدينة المنورة ليروا ضوء رؤية 2030 وبما يتناسب مع العمق العربي والإسلامي لوطننا، من خلال تكثيف الخدمات البشرية والتقنية، ورفع الطاقة الاستيعابية الكاملة والمحافظة على سلامة وصحة وأمن قاصدي الحرمين، وسط منظومة عمل متكاملة تضم غرفة عمليات لمتابعة عملية إدارة الحشود والتفويج ومنظومة الخدمات التشغيلية وفق حوكمة وقياس الأثر وتقديم خدمات معيارية ذات جودة عالمية وبجاهزية في أجواء إيمانية خاشعة صحية آمنة.

الضيوف سيعرفون جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظهما الله ـ، هذه القيادة السعودية الملمة الواعية، التي جعل منهم خير رجال يقفون على حماية هذه المقدسات، وقيادة إسلامية مخلصة تتشرف بالعناية بالمقدسات ورعايتها وتطويرها ومن ثم استقبال ضيوفها وزوارها في كل الأوقات على مدار العام في رحلة العمرة والزيارة ثم الحج العظيم.

«موسم العمرة في شهر رمضان» موسم أكبر من أن يُروى في أسطر قليلة، ولكنه في المحصلة حدث سيتيح للوافدين، ضيوفنا في رمضان، وعلى مدار أيامه سيجدون إلى جانب «بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم» أبناء هذا الوطن الكريم، بإحساس الرجل المسلم الواحد، وشعور المؤمن الذي يعرف كيف يستقبل أخاه المسلم ويرحب به، ويوفر له سبل الراحة والطمأنينة واليسر في أداء المناسك، فالزائرون الذين سيقصدون الحرم المكي والحرم المدني، سيكتشفون الفرق من قبل ومن بعد، سيعرفون وطننا أكثر، ويعرفون مقدار ما لدى أبناء هذا الوطن من حب واحترام وإنسانية، ولا يسعنا إلا أن نقول لهم: أهلاً وسهلاً بكم.

وطننا يتشرف بالعناية بالمقدسات ورعايتها وتطويرها.

أيها المعتمرون: أهلاً وسهلاً