تقول رانيا بالخير، وهي أم تختضن طفلا يتيمًا لـ«الوطن»: «مضى على زواجي 20 عامًا لم يتم خلالها الحمل والإنجاب؛ لكثرة انشغالنا أنا وزوجي بالدراسة خارج المملكة، وبعد الاستقرار اقترحت لي أصغر شقيقاتي احتضان طفل، على أن ترضعه مع طفلها الذي أنجبته؛ ليكون شقيقه بالرضاعة».
وأضافت «تقدمت بطلب لجمعية الوداد الخيرية لرعاية الأيتام، وتم اكتمال كافة المتطلبات، وبعد عدة أشهر من الطلب نوّر الطفل سراج حياتنا، فاختلفت حياتنا وتغيرت أولوياتها، وحلت البهجة، ولم نعد نعاني الفراغ الذي كنا نعيشه خلال السنوات الماضية».
بدوره، أعرب الأب المحتضن، عبدالله سراج نوح، عن سعادته باحتضان الطفل الذي أطلق عليه اسم «سراج».
كلام بين الدموع
بألم بدأ فهد العنزي، الأب المحتضن لطفل آخر، حديثه وقال: «شعور الفقد لا يماثله شعور، كانت تمر عليّ بعض الأيام تنهمر فيها دموعي لعدم وجود أبناء لي، وبلغ الأمر بي أن خيّرت زوجتي في الانفصال».
وتابع «ذات صباح وأنا ذاهب إلى العمل سمعت تقريرًا عبر إحدى الإذاعات عن الاحتضان، فاقترحت على زوجتي أن نحتضن يتيمًا، ووافقتني الرأي، وقدمنا الأوراق عبر موقع الجمعية، وبعد فترة تم التواصل معنا لاستكمال الإجراءات، ولم تمر 6 أشهر إلا ورزقنا الله طفلة محتضنة فرحنا بها كثيرًا، وتم إرضاعها عن طريق برنامج تحفيز إدرار الحليب الذي وضعته جمعية الوداد، فغمرت السعادة بيتنا، وغيرت الطفلة مجرى حياتنا التي صارت سعيدة وهانئة».
إسناد الحضانة
يبين الرئيس التنفيذي لجمعية الوداد الخيرية لرعاية الأيتام، الدكتور ضيف الله بن أحمد النعمي، لـ«الوطن» أن لدى الجمعية أكثر من 170 مختصًا لاحتضان الأيتام، تبدأ مهام عملهم منذ استقبال طلبات الأسر المتقدمة للاحتضان من موقع حاضن الذي تشرف عليه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى إسناد الطفل للأسرة المحتضنة، ومن ثم متابعته بعد الاحتضان.
إجراءات الاحتضان
سرد الدكتور النعمي، إجراءات احتضان الطفل اليتيم منذ بداية استقبال طلبات الأسر المتقدمة للاحتضان عبر موقع حاضن، الذي يتيح للأسر التقديم في كافة مناطق المملكة عن بعد، وإرفاق كافة المستندات إلكترونيًا دون الحاجة إلى زيارة مقر الجمعية أو أحد مكاتبها التعريفية.
وتابع «بعد تلقي الطلب يبدأ الفريق المختص بدراسته وتقرير مدى موافقته للشروط والضوابط، مرورًا بدراسة أهلية الأسرة وقدرتها على احتضان طفل يتيم، ومطابقة وتدقيق البيانات، وإجراء المقابلات والاختبارات النفسية، وعمل بحوث ميدانية ومكتبية لدراسة قدرة الأسر على تقديم الرعاية ومعرفة مدى مناسبة البيئة المحيطة بالطفل».
وأكمل «بعد الانتهاء من الدراسات والبحوث الميدانية يتم بناء مؤشرات الأداء والرصد؛ وذلك بتزويد الأسر الراغبة بالحضانة بسلسلة حقائب تدريبية وأدلة معرفية لتأهيلهم وتدريبهم على التعامل مع الطفل اليتيم مجهول الأبوين ومن في حكمه».
حلول مستدامة
تابع الدكتور النعمي «تتغير أعداد الأطفال لدى الجمعية في جميع فروع المملكة، وذلك لحرصنا على عدم بقاء الطفل مدة طويلة في الدور المؤقتة، ونحن نضع مستهدفًا كمتوسط بقاء نحو 45 يومًا، دون الإخلال بالشروط والمعايير والآليات المتبعة».
وواصل «في المقابل، وضعنا حلولا مستدامة، مثل بناء قوائم انتظار من الأسر المؤهلة للاحتضان من خلال تصنيفات تلبي جميع الاحتياجات».
الجودة وإدارة المعرفة
تعد جمعية الوداد لرعاية الأيتام أول جمعية سعودية متخصصة في رعاية الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية دون السنتين، وقد احتفلت بحصولها على شهادتي الجودة (so 9001) وإدارة المعرفة (30401 iso) لتطبيقها للمعايير اللازمة، واستيفائها جميع اشتراطاتها، وذلك من خلال عملها على منهجية محكمة.
وتأسست الجمعية عام 1429 للهجرة، وسجلت بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بترخيص رقم (415)، وأخذت على عاتقها مسؤولية خدمة الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية بتوفير أسر صالحة تحتضنهم ومتابعة رعايتهم.
وأبرمت الجمعية اتفاقية مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تخولها تولي مسؤولية جميع الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية دون السنتين على مستوى المملكة من حيث استلامهم، وتوفير الرعاية لهم، وإسناد احتضانهم إلى أسر مؤهلة بعد التأكد من استيفائها شروط الاحتضان.
وحققت الجمعية جملة نجاحات منها جائزة مكة للتميز بدورتها الثامنة في مجال العمل الاجتماعي 2017، وجائزة جدة للإبداع بدورتها الثالثة في مجال الإبداع الاجتماعي 2020، وجائزتين على مستوى العالم العربي ضمن حفل جوائز جلوبال العالمية، الذي أقيم في باريس نظير العمل الإنساني المميز الذي تقوم به 2023.