عُثر مطلع الأسبوع الحالي، على طائرة مفقودة، كانت قد أقلعت الخميس من مطار العاصمة الآيسلندية ريكيافيك، وعلى متنها أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة سياح أجانب، على عمق عشرات الأمتار في بحيرة، حسبما أعلن خفر السواحل والشرطة.

وعثرت غواصة تعمل بالتحكم عن بعد على الطائرة، وذلك في الجزء الجنوبي من ثينجفالافاتن، في وقت متأخر جدا من ليل السبت الفائت.

وقال قائد الشرطة المحلية أودور أرناسون، إن الطائرة كانت على عمق 50 مترا في بحيرة ثينجفالافاتن، بالقرب من ثينجفيلير، أحد أشهر المتنزهات الوطنية في البلاد.

وتُعد عملية البحث التي شارك فيها 1000 شخص، بينهم نحو 800 من المسعفين، الأكبر في آيسلندا منذ عام 2017.

كان من المقرر أن تعود الطائرة الصغيرة من طراز سيسنا C172، التي أقلعت الخميس قرابة الساعة 10.30 ت غ للتحليق فوق محيط الدائرة الذهبية، على بعد حوالي 40 كلم، من العاصمة الآيسلندية، إلى نقطة الإقلاع بعد ساعتين.

وكان يستقلها الطيار و3 ركاب «أصغر سناً»، وفقًا لخفر السواحل. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الطيار، وهو آيسلندي يبلغ نحو 50 عامًا، واسمه هارالدور دييجو، يمارس الطيران منذ 26 عاما.

قصص تتكرر

لم تكن الطائرة الآيسلندية الخاصة هي الأولى التي تفقد، فعالم الطيران على الرغم من شدة انضباطه يشهد بين الحين والآخر، قصص اختفاء للطائرات، لعل أكثرها شهرة، وأطولها مدى، قصة الطائرة الماليزية التي عثر عليها بعد 7 سنوات من اختفائها، في قصة حيرت كل المتابعين وحظيت باهتمام كبير.

وكان مهندس طيران بريطاني عثر على الطائرة الماليزية، باستخدام برنامج تتبع واقتفاء جديد، دله عليها، حيث كانت غارقة عند عمق 4000 متر في قاع جبلي البيئة، وقريب في المحيط الهندي من أستراليا.

وقال المهندس ريتشارد جودفري، عضو مؤسس لمجموعة تبحث عن حل لأحد أكبر ألغاز الطيران المدني، اسمها MH370 Independent Group ومكونة من خبراء، إنه تمكن باستخدام تقنية جديدة للتتبع والاقتفاء، من العثور على طائرة Boeing 777 تابعة لشركة الخطوط الماليزية، اختفت عن الرادار بعد قليل من إقلاعها مساء 8 مارس 2014 من مطار كوالالمبور الدولي، في رحلة من 6 ساعات إلى العاصمة الصينية بكين وعلى متنها 239 شخصا من 15 جنسية، بينهم طاقم من 12 ماليزيا.

وقال جودفري إن «برنامجا جديدا لرسم الخرائط استخدمه، حدد موقع تحطمها في المحيط الهندي على بعد 1920 كيلومترا إلى الغرب من ولاية Perth الأسترالية، حيث نفد وقودها عند 33.177 درجة جنوبا، مع 95.300 شرقا، فهوت إلى مثواها الأخير، وهو ما يعتقد به البروفسور Charitha Pattiaratchi رئيس قسم علوم المحيطات بجامعة University of Western Australia أيضا.

العملية الأطول والأكثر كلفة

أدى اختفاء «الطائرة الماليزية» التي تختصر فاجعتها بالرمز MH370 إلى القيام «بأكبر عمليات بحث وأكثرها كلفة بتاريخ الطيران» حسب صحيفة

«التايمز» البريطانية، ولم يعثر البحث السطحي وتحت الماء منذ 7 سنوات، إلا على 33 جزءا منها في 6 دول، بينها مكونات كبيرة من جناحها، بعد غسلها على سواحل المحيط الهندي، إلا أن العثور على حطامها بالكامل لا يزال حلما وكابوسا معا.

ويتوافق ما توصل إليه جودفري مع بيانات القمر الصناعي Inmarsat في بريطانيا، ومع أداء الطائرة وبياناتها الهندسية قبل اختفائها، إضافة إلى ما كانت عليه أحوال الطقس في المسار، الذي قطعته إلى مثواها الأخير.

كما يتوافق مع طبيعة ما تم العثور عليه من مكونات الطائرة، والسبب هو أنه استعان بتكنولوجيا تستخدم قاعدة بيانات غير موجودة في الإنترنت للاتصالات المخزنة، معروفة باسم

«النقاط» بين أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي المحوسب على الأرض.

تلك التكنولوجيا معقدة بعض الشيء، وملخصها أن الطائرة حين تواجه موجات لاسلكية، فإنها تتداخل لفترة وجيزة مع الإشارات، وتشكل عاكسا، يمكن معه التعرف «تقديرا» إلى مواقعها أثناء تحليقها، أو تقديم معلومات تتبع جديدة، وهي شبكة شبهها «جودفري» بمتاهة من أجهزة كشف غير مرئية تسجل الحركة، وأعطى عنها مثلا ذكره لصحيفة «التايمز» في أكتوبر الماضي، وقال في المثل «تخيل نفسك تعبر برية وأسلاكا غير مرئية، تعبر معك المنطقة بأكملها، ذهابا وإيابا عبر الطول والعرض، بحيث تطأ في كل خطوة على سلك مسار معين تقوم به، فيما نقوم نحن بتحديد موقعك عند تقاطع أسلاك كل مسار، وبذلك يمكننا تتبع مسارك وأنت تتحرك» أي كما حدث للطائرة إلى حين غرقها في منطقة يتلاقى فيها خط 33.177 درجة جنوبا مع خط 95.300 درجة شرقا، في مياه المحيط الهندي.

حطام جناح

في فبراير 2021 جرفت الأمواج ما يُعتقد أنه حطام تابع للطائرة MH370 المنكوبة، على شاطئ جنوب إفريقيا بعد 7 سنوات من اختفائها الغامض.

وجرفت الأمواج قطعة من الحطام، يبلغ طولها نحو 3 أقدام «1 متر»، ويقول مكتشفها إنها على الأرجح من طراز بوينج 777 الماليزية، لأنها تتميز باللون الرمادي الفاتح المميز.

ووفقا لصائد الحطام بلين جيبسون، فقد رمت الأمواج الحطام على الشاطئ في أوائل فبراير، في خليج جيفريز بالقرب من بورت إليزابيث، جنوب إفريقيا.

ويعرف جيبسون بأنه محقق أمريكي كرس السنوات الست الماضية، للبحث في الحادث الغامض.

ووقع انتشال ما مجموعه 34 قطعة من الحطام، بعضها مؤكد والبعض الآخر مشتبه به من MH370، وتم انتشالها بواسطة 16 شخصا، لا علاقة لهم ببعضهم البعض في 6 بلدان مختلفة.

وهذه القطعة هي الـ34 وفقا للمحقق جيبسون، الذي قال «عندما اختفت الرحلة MH370 لأول مرة، ذهبت إلى كمبوديا وتايلاند وميانمار، للبحث عن الحطام ولم أوجه انتباهه إلى جنوب المحيط الهندي، إلا بعد العثور على سطح الموازنة «flaperon» من جناح الطائرة، في جزيرة ريونيون في يوليو 2015.

تكلفة باهظة

أوقفت عمليات البحث عن الطائرة الماليزية في يناير 2017، بعدما شملت عملية مسح لأكثر من مساحة 120 ألف كلم مربع، وبلغت تكلفة عمليات البحث حتى ذلك التاريخ 150 مليون دولار، وهي أكبر عملية بحث في التاريخ.

وفي 2018، وبضغط من ذوي الضحايا، أجرت شركة «أوشن إنفينيتي» الأمريكية عملية بحث أخرى، شملت مساحة 112 ألف كيلومتر مربع، ولم تتوصل إلى شيء.

لكن في 2018، رجح تحقيق جديد، فرضية التلاعب بأجهزة التحكم بالطائرة عمدا، حتى تحيد عن مسارها، لكن المحققين لم يتمكنوا من تحديد المسؤول عن ذلك.

رحلات مفقودة

إضافة إلى لغز الطائرة الماليزية، الذي لا يزال بلا حل حتى الآن، فإن طائرات أخرى فقدت، وعرف مصير بعضها بعد سنوات من اختفائها، فيما لم يعرف مصير أخرى حتى الآن، ومن بينها:

ـ اختفاء أميليا إيرهارت

اختفت أميليا إيرهارت وهي واحدة من أشهر الطيارين، بعدما فقدت طائرتها

«إليكترا» ذات المحركين، فوق المحيط الهادئ عام 1937، وأميليا كانت تحاول الطيران حول العالم.

ولم يعثر على أي أثر للطائرة أو لأميليا، على الرغم من حملة بحث بلغت قيمتها ملايين الدولارات، وأعلن رسمياً عن وفاة أيميليا عام 1939.

نصف قرن من البحث

ـ في جبال الأنديز اختفت رحلة عام 1947، وعلى متنها 11 شخصا.. استغرق البحث عن هؤلاء نحو 50 عاما، لكن دون أثر، إلى أن وجد اثنان من متسلقي الصخور الأرجنتينيين حطام محرك في جبال الأنديز عام 1998، وبعث الجيش في وقت لاحق فريق كشف وجد أن بقايا جثث في الموقع.

وفسر كثيرون الأمر بأن الطائرة تسببت بانهيار ثلجي عند اصطدامها بجبل توبانجاتو، ما أدى إلى دفنها في الثلج، الأمر الذي عرقل إيجادها.

مثلث الرعب

فوق ما عرف بأنه مثلث برمودا، اختفت عامي 1948 و1949 طائرتا ركاب تابعتان للخطوط الجوية البريطانية وجنوب أمريكا، وفقد على متنهما أكثر من 51 شخصاً لم يعثر على جثثهم.

وفي عام 1945، أجرت 5 قاذفات أمريكية مهمة تدريبية فوق المنطقة، لكنها اختفت جميعها، ولم يعثر على أي منها، كما لم يعثر كذلك على طائرة البحث التي أرسلت لحل لغز تلك القاذفات، وعلى متنها 13 شخصاً، لكنها اختفت بدورها.

اختفاء بلا نداء

في عام 1962 أقلعت طائرة تابعة للجيش الأمريكي من جوام، حاملة أكثر من 90 فرداً، ومتوجهة إلى الفلبين، لكنها اختفت، ولم يصدر الطيارون أي نداء استغاثة.

بحث 1300 شخص عن الطائرة ولم يعثروا على أي حطام لها.

أكلوا جثث بعضهم

لعل أشد قصص الاختفاء، هي قصة رحلة سلاح جو الأوروجواي 571، التي كانت متوجهة إلى سانتياجو عام 1972، حاملة 45 راكبا وأفراد الطاقم، لكنها تحطمت في جبال الأنديز بسبب سوء الأحوال الجوية، وقتل 12 شخصا كانوا على متنها.

لم تعلم السلطات بمصير أي من الناجين لمدة 72 يوماً، قتل خلالها 8 آخرين في انهيار جليدي ضرب حطام الطائرة حيث كانوا يحتمون، واضطر الـ16 المتبقين إلى أكل جثث رفاقهم، الذين قتلوا للبقاء على قيد الحياة.

قصة هذه الطائرة تم تناولها بنسخ كثيرة ورؤى مختلفة، عبر كثير من الأعمال المسرحية والسينمائية لعمق تأثيرها، وعلى الأخص فيما يتعلق بأكل الإنسان لجثة أخيه الإنسان حين يضطر لذلك.

ـ رحلة الفرنسية 447

انطلقت طائرة الإيرباص A330 من ريو دي جانيرو، متوجهة إلى باريس، لكنها سقطت في المحيط الأطلسي عام 2009، وقتل جميع ركابها وأفراد طاقمها الـ228.

استغرق البحث عن الطائرة 5 أيام كاملة حتى تم العثور على حطامها، واستغرق التحقيق في أسباب سقوطها نحو 3 سنوات من عمل المحققين، حتى عرفوا أن بلورات الثلج عطلت الطيار الآلي وقطعت الاتصال.

من بين 228 راكبا وفردا في الطاقم، انتشلت جثث 74 راكبا فقط كانوا على متن تلك الرحلة.

بين الحقيقة والخيال

أفسحت قصص اختفاء الطائرات، والإثارة التي تخلفها، المجال واسعا أمام هواة الشائعات وناشري القصص المفبركة لابتداع قصص غريبة، كان من بينها قصة رحلة جوية عُرفت باسم سانتياجو 513، وهي قصة قيل إنها لرحلة انطلقت من مدينة أخن في ألمانيا الغربية، في 4 أيلول عام 1954، متجهةً إلى البرازيل، لكن الاتصال بها انقطع فوق المحيط الأطلسي، حيث اختفت الطائرة وجرت عمليات بحث مستمرة عنها لسنوات، إلا أنه لم يظهر لها أثر.

وفي 12 تشرين الأول عام 1985 ظهرت الطائرة المفقودة، بعد مرور 35 عاماً على فقدانها، فوق مطار «بورت أليجر» في البرازيل، من دون أن تُرسل أي إشارات لأبراج المراقبة تفيد بموعد هبوطها.

وقيل إنه حين فتحت قوات الأمن أبواب الطائرة بعد ظهورها، أصيبت بالذعر، إذ عثرت على 92 هيكلاً عظميًّا على متنها. ما يعني أنَّ الركاب كانوا قد فارقوا الحياة على مقاعدهم، فيما كانت الهياكل العظمية لطاقم الطائرة لا تزال في قمرة القيادة.

لكن موقع «مسبار» المتخصص في فحص الحقيقة، وكشف الكذب في الفضاء العمومي، كشف أن الخبر غير صحيح.

وتبين أن الخبر الذي تم تداوله كان عبارة عن قصة خيالية نشرتها صحيفة «وورلد ويكلي نيوز» عام 1985، وهي صحيفة شعبية تنشر محتوى غير حقيقي.

وكانت القصة تقول، إن طائرة أقلعت من مدينة نيويورك عام 1955، وعلى متنها 57 راكباً، واختفت لمدة 37 عاماً، لتظهر فجأةً وتهبط في ولاية ميامي.