أن يحترم الصغير الكبير، ويرحم الكبير الصغار ويعتني بهم هذا هو المعتاد والمتوقع؛ وأن يكرم الإنسان الضيف والغريب، ويعطف على كل ما يمسه الضعف من بشر وحيوان هذا هو الطبيعي والمنطقي الذي تستدعيه الفطرة السوية، والقيم النبيلة التي إما تنبع في ذات البشر بشكل اعتيادي أو تُعزز فيه من خلال التربية والعادات والتعلّم. ما ليس منطقيًا أن نرى من يتحدث عن بره بأبويه كفضل يقوم به، أو عنايته بأخوته ذكورًا أو إناثًا عملًا خارقًا، أو حسن خلقه مع الآخر وتقبله لهم، ونظافته في مكانه وزمانه كاستثناء لابد أن يُشكر عليه.
لقد سرق تهويل الأمور وحب الاستعراض بما يُعمل وما يُقال عاديتنا التي نقوم بها تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، وتجاه الحياة عامة.
فقد الصغار براءتهم، وفقد الكبار تلقائيتهم، وبات البحث عن الإثارة والحضور ولفت الانتباه بعمل جدير معتاد، أو تصرف أحمق غير مسؤول له الأولوية حتى لا يخرج من دائرة الانتباه وبقعة الضوء التي خلقتها سياسة التفاهة التي تقوم عليها وسائل العصر الحديث في التواصل والانتشار.
ظهر هذا جليًا قبل عدة أيام حينما أصبح تصرف عفوي من أخ صغير تجاه أخواته، صادف أن وقف المصور خلفه وهو يحمل حقائبهن لوقت غير محدد، وخلفيات غير معروفة، لتصبح هذه الصورة حديث المجتمع، وملهمة الشعراء، ومحط الأخبار، وهم المسؤول. وهذا ضريبة التفاهة حيث يصبح حدثًا جميلًا وبريئًا كهذا كفقاعة من التهويل تُشعرنا أننا شيء طارئ على نبل الأخلاق وتحمل المسؤوليات.
الخطر في الجانب التربوي للجيل القادم من اعتياد التهويل لأي أمر يقوم به كان ينبغي أن يكون اعتياديا وتلقائيا هو أن يُصبح مهووسا بالضوء والمديح والتقدير الذي إن لم يحصل عليه قد يصاب بالإحباط والتردد في فعل ما ينبغي ويجب من تعامل إنساني سوي، وحرص على قيم نبيلة وتلقائيتها في ردات فعلنا.
ما تحقق لهؤلاء الصغار من دخول لدائرة الضوء بشكل مبالغ وممجوج سيكرس لدى النشء صورة ذهنية خاطئة بضرورة التعامل مع أي عمل يجب أن يقوم به -كتقبيل يد والده، أو احترام معلمه، أو إزالة قمامته ومساعدة غيره، بصورة مبالغة في التقدير والشكر والثناء، سيكون لكل عمل حينها قيمة، وسيرتفع سقف توقعات هذه القيمة المحسوسة من شخص لآخر، وقد يكون الإعراض عن عمل ما يجب علينا عمله هو النتيجة الحتمية لعدم الحصول على الاستحقاق المتوقع. كما أنه سيعزز من سيادة التفاهة -السائدة بالفعل- حتى نفقد معها لذة العطاء، وبساطة الاعتياد.
الاحتفاء المبالغ فيه في تصرف هذا الطفل ثم تجاهله من آخرين؛ سيجعل من النقص شعورًا ملازمًا لجيل كامل، جيل ينتظر أن يقدم له شيء مقابل كل كلمة أو عمل ثم لا يحصل عليه، فهو إما أن يصبح رهين المشاعر المستلبة منه، أو أن يتوقف عن التصرف بتلقائية أو كليهما.
إن كان كبار المجتمع من أفراد أو منظمات عملت بشكل نجزم أنه بريء تجاه هذا التصرف الطفولي، إلا أنه عمل لا يحمل المسؤولية التربوية والاجتماعية والنفسية للواقع الذي نعيش به، بل إنهم باحتفائهم المبالغ فيه خلقوا فجوة أخرى في جدار المجتمع وملأوها بالتفاهة والبحث عن الاستعراض ولفت الأنظار والاهتمام على حساب طفل لا يعلم حتمًا لماذا يحدث له كل هذا، وما الذي عليه عمله لاحقًا حتى يحصل على مثل هذا الشعور بالرضا والاحتفاء.
اليوم نحن نقف بين المتذمر من عصر التفاهة الذي خلقته وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، وبين اللاهث خلفها والمتفاني في الحصول عليها بأي وسيلة بريئة أو غير بريئة؛ وفي الجانبين نحن المسؤول عن كل هذا إما باندفاعنا نحو سلب عاديتنا أو الاستلاب أمام فقداننا لها.
لقد سرق تهويل الأمور وحب الاستعراض بما يُعمل وما يُقال عاديتنا التي نقوم بها تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، وتجاه الحياة عامة.
فقد الصغار براءتهم، وفقد الكبار تلقائيتهم، وبات البحث عن الإثارة والحضور ولفت الانتباه بعمل جدير معتاد، أو تصرف أحمق غير مسؤول له الأولوية حتى لا يخرج من دائرة الانتباه وبقعة الضوء التي خلقتها سياسة التفاهة التي تقوم عليها وسائل العصر الحديث في التواصل والانتشار.
ظهر هذا جليًا قبل عدة أيام حينما أصبح تصرف عفوي من أخ صغير تجاه أخواته، صادف أن وقف المصور خلفه وهو يحمل حقائبهن لوقت غير محدد، وخلفيات غير معروفة، لتصبح هذه الصورة حديث المجتمع، وملهمة الشعراء، ومحط الأخبار، وهم المسؤول. وهذا ضريبة التفاهة حيث يصبح حدثًا جميلًا وبريئًا كهذا كفقاعة من التهويل تُشعرنا أننا شيء طارئ على نبل الأخلاق وتحمل المسؤوليات.
الخطر في الجانب التربوي للجيل القادم من اعتياد التهويل لأي أمر يقوم به كان ينبغي أن يكون اعتياديا وتلقائيا هو أن يُصبح مهووسا بالضوء والمديح والتقدير الذي إن لم يحصل عليه قد يصاب بالإحباط والتردد في فعل ما ينبغي ويجب من تعامل إنساني سوي، وحرص على قيم نبيلة وتلقائيتها في ردات فعلنا.
ما تحقق لهؤلاء الصغار من دخول لدائرة الضوء بشكل مبالغ وممجوج سيكرس لدى النشء صورة ذهنية خاطئة بضرورة التعامل مع أي عمل يجب أن يقوم به -كتقبيل يد والده، أو احترام معلمه، أو إزالة قمامته ومساعدة غيره، بصورة مبالغة في التقدير والشكر والثناء، سيكون لكل عمل حينها قيمة، وسيرتفع سقف توقعات هذه القيمة المحسوسة من شخص لآخر، وقد يكون الإعراض عن عمل ما يجب علينا عمله هو النتيجة الحتمية لعدم الحصول على الاستحقاق المتوقع. كما أنه سيعزز من سيادة التفاهة -السائدة بالفعل- حتى نفقد معها لذة العطاء، وبساطة الاعتياد.
الاحتفاء المبالغ فيه في تصرف هذا الطفل ثم تجاهله من آخرين؛ سيجعل من النقص شعورًا ملازمًا لجيل كامل، جيل ينتظر أن يقدم له شيء مقابل كل كلمة أو عمل ثم لا يحصل عليه، فهو إما أن يصبح رهين المشاعر المستلبة منه، أو أن يتوقف عن التصرف بتلقائية أو كليهما.
إن كان كبار المجتمع من أفراد أو منظمات عملت بشكل نجزم أنه بريء تجاه هذا التصرف الطفولي، إلا أنه عمل لا يحمل المسؤولية التربوية والاجتماعية والنفسية للواقع الذي نعيش به، بل إنهم باحتفائهم المبالغ فيه خلقوا فجوة أخرى في جدار المجتمع وملأوها بالتفاهة والبحث عن الاستعراض ولفت الأنظار والاهتمام على حساب طفل لا يعلم حتمًا لماذا يحدث له كل هذا، وما الذي عليه عمله لاحقًا حتى يحصل على مثل هذا الشعور بالرضا والاحتفاء.
اليوم نحن نقف بين المتذمر من عصر التفاهة الذي خلقته وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، وبين اللاهث خلفها والمتفاني في الحصول عليها بأي وسيلة بريئة أو غير بريئة؛ وفي الجانبين نحن المسؤول عن كل هذا إما باندفاعنا نحو سلب عاديتنا أو الاستلاب أمام فقداننا لها.