عبدالله رمضان العمري

يتفنن «البعض» في أثناء البحث عن شريكة الحياة في التقصي والتحري، وإملاء المعايير بالنبش في فصيلة الدم القبلي، وما يسمى «الخطوط»، والهمز واللمز في بعض الحرَف والمهَن الشّريفة تحت مبررات ليست حتى من الدين الذي نحتكم إليه جميعا.

لكن الغريب أن هذه المعايير والمحاذير نراها تسقط وتختفي، وتنتهي صلاحيتها، ويتبخّر العمل بها حال الظَّفَر بالتصريح اللازم للزواج من الخارج دون النظر إلى أي من الملل والمهن والنّحَل هذه القادمة.

إنها الحقيقة التي يصعب تجاهلها، وحالة من التناقضات والمفارقات العجيبة التي يصعب فهمها، فالزواج مباح ومتاح، ومن أي الأمصار، ولعل الزمن يجود ليّ بفرصة، وأتمكن من الإفلات ذات يوم من بوابة الصالة الدولية. الزواج مكفول في الدين من داخل الوطن أو من خارجه، ولكن ليس على حساب مصير بنات الوطن، أو بإزدراء المهن والحرف الوطنية الشريفة وأهلها الشرفاء الكرام.

تطبيق الأنظمة شيء متفق عليه بالإجماع، ولكن بعيدا عن التجاوزات، فلا نريد أن نرى مثلا مراقبي الأسواق في البلديات يقومون بين الفينة والأخرى بغارات ميدانية على بائعي الخضار والفواكه، ويشرعون في رميها بحاويات النفايات دون إكرام هذه الطيبات بحجة مخالفة هؤلاء الباعة أماكن البيع، وربما لإرغامهم على استئجار أماكن تستثمرها البلديات بتأجيرها لبعض البسطاء، من النساء والرجال، بمبالغ قد لا تتناسب مع دخولهم المتواضعة. أدعو إلى مراعاة ظروف هذه الفئة المحتاجة.

يروى أن أحدهم في سوق من الأسواق ركل بسطة من التمر برجله، فتناثر التمر على الأرض، فدعا عليه صاحب التمر، فأصيب بمرض في رجله، وبترت رجله من فوق الركبة، فقاربوا وسددوا والتمسوا التيسير، واجتنبوا المشقة على من يلتمس الرزق الحلال لأسرته، وأوقفوا إلقاء هذه الفواكه والخضار، وغيرها من الغلال في حاويات النفايات التي لا أدري ما مدى نظامية ذلك؟، وإذا كان لا بد من رميها مع النفايات أعطوها للجمعيات الخيرية، لعلهم يتصدقون بها أو تصدقوا بتركها لأصحابها المواطنين البسطاء، وخصصوا لهم أماكن يبيعون فيها برسوم ميسَّرة، فنحن في بلد كريم يتسع للجميع، وهذا من التيسير على الناس الذي دائما يوجه به ولاة الأمر، ومن الرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شىء إلا شانه.

همسة «إنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم».. حديث شريف.