حنان درويش عابد

قد يتبادر كثيرا إلى الذهن تساؤل حول الاتجاه الأفضل الذي يمكن أن تتجه له الأعمال والإدارة في بيئة العمل عندما نربط كل هذا بكلمة تكاد تكون غائبة عن كثير من المكاتب وأروقة المؤسسات بمعناها الواضح وبمفهومها الشامل، وهي «الحب» أو «المحبة» أو «روح العائلة الواحدة». ولأن ديننا أوصانا ويوصينا بإفشاء السلام والأمن والطمأنينة فيما بيننا، فهو لم يقصد فقط نشر ذلك في محيط البيت، وبين الأصدقاء والمعارف، فللإسلام شمولية نعرفها جميعا. الحب والمحبة في مكان العمل، منهج حياة وإدارة، فما نمضيه في مؤسساتنا ومكاتبنا هو فعليا أكثر مما نقضيه في منازلنا ومع عائلاتنا.

والإدارة بالحب ليست ضربا من الخيال، ولا هي استلهام لمستحيل يمكن فقط أن نحلم به، وهي في الوقت ذاته ممكّن رئيس للريادة، يغفل عنه وعن ديناميكيته كثير من أصحاب المؤسسات ذوي الخبرات الإدارية حديثة العهد، ويدرك تجليّات هذا النوع من الإدارة أصحاب المؤسسات من ذوي الخبرات ما بين الثلاثينية والخمسينية، فهؤلاء قد خبروا معنى الابتسامة وتأثيرها على روح الموظف وعلى مزاجه اليومي، وشعوره بالرضا والانسجام النفسي تجاه المؤسسة التي يبذل جهده لإسعاد مالكيها. وعبارات مثل «السلام عليكم» أو «صباح الخير»، أو «طاب يومكم» في نهاية الدوام هي عبارات غير مكلّفة ومجانية، لكنها ثمينة جدا على صعيد إشاعة روح البهجة والسرور النفسي الداخلي لدى الموظفين.

أما ذلك الموظف الذي قد يراه المدير من بعيد يجلس مهموما فإن عبارات مثل: «هل ترغب بالاستئذان، هل أنت بخير»؟ أو «ألسنا أصدقاء وزملاء عمل؟ هل يمكن أن أقدم لك أي شيء يسعدك؟»، كل هذه العبارات تصنع هذه الأسرة الواحدة المتحابّة التي لا يمكن للمؤسسة أن تنجح دون صناعتها. وكلما ارتفعت درجة حرارة إنسانيتنا وشعورنا بالآخرين، وانخفضت درجة برودة تجاهلنا لما نراه في مكاتبنا، كان ميدان العمل أعلى حماسة وأقوى تماسكاً.

ولأن «الإدارة بالحب» ضرورة، فعلى الشركات أن تنظر إليها على هذا النحو، ولأنها، أي هذه الإدارة فعّالة، فهي تستحق أن تكون أحد أهم العناصر التكوينية لعقلية القادة في المؤسسات.

ونحن إذ نستلهم كثيرا مما رأيناه من سلوكيات قادة كبار ومؤسسين تجاريين سعوديين وعالميين، حول الإدارة بالحب، لا يمكن إلا أن تتذكر دائما أن الموظف الذي يعمل لديك هو يعمل لإسعادك وإسعاد عائلتك، فإسعاده يعود بالضرورة إيجابيا على مساعيه لبذل الجهد لجعل حياتك كصاحب مؤسسة أفضل، ومن هنا نقول نعم لرفع شعار الإدارة بالحب والإدارة بروح العائلة.