رمضان المبارك، شهر الخير والتقوى والبركات، شهر الطاعات والقربات، شهر العبادة والصيام والصلوات، فرصة كبيرة للتخلص من بعض العادات والسلوكيات التي تتنافى مع الحكمة من صيام هذا الشهر الفضيل، ولكننا للأسف في كل عام يعود علينا رمضان تظهر بعض الظواهر السلبية التي تتنافى مع الحكمة من تشريع هذا الشهر المبارك. ومن أكثر الظواهر السلبية، ظاهرة الإسراف في الأطعمة والمبالغة في المباحات والمشتريات، وكذلك ما يحدث في سائر المنازل من طهي وطبخ للعديد من المأكولات وإعداد للمشروبات، ثم تناول اليسير منها وإيداع المتبقي صناديق القمامة ولا حول ولا قوة إلا بالله، ظاهرة تتنافى مع مقاصد الصيام، والكثير من العلماء والدعاة حذروا من هذه الظاهرة التي ينتهجها كثير من الأسر في هذا الشهر الكريم، وتحرم الصائم من الاستفادة الكبيرة من هذا الموسم العظيم الذي تتجلى فيه أعلى درجات الرحمة والإحساس بالفقراء والمساكين واستشعار نعم الله علينا التي اختصنا بها دون غيرنا في ظل أوضاع مأساوية تمر بها الأمة الإسلامية في كل مكان. إن منهجنا الإسلامي منهج الوسطية والاعتدال في كل شيء حتى في الطعام والشراب لقول الله تعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» وقوله تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقوله سبحانه: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بِحسْب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه». وكثرة الطعام تؤدي إلى التخمة وإفساد البدن بالأطعمة، إننا محاسبون على هذا الإسراف قال تعالى: «ثم لتسألُنَّ يومئذ عن النعيم» ومن دون شك، فإن الإسراف والتبذير والمبالغة في إعداد الطعام والشراب يخالف حكمة مشروعية الصيام أصلًا، لأن من حكم تشريع الصيام هو تذكر الفقراء والمحتاجين والمعوزين، ثم مد يد العون والمساعدة لهم، وكذلك الإحساس بحالهم. ومع الأسف إن ظاهرة الإسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك لا تقتصر - على الميسورين، بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها، وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر حتى الفقراء يستدينون ليعدوا هذه الوجبات، حمانا الله وإياكم من الإسراف والتبذير، وجعلنا من المقبول صيامهم وقيامهم في هذا الشهر الفضيل.