تناولت في مقال سابق، أهمية تعزيز الوعي بدور المواطن السعودي في حماية الوطن من حملات الإرجاف، أحد أخطر أسلحة زعزعة الاستقرار في العصر الحديث، وأكدنا أن التصدي له واجب وطني يقع على عاتق الجميع.
وفي هذا المقال، نستكمل الحديث عن كيفية مواجهة هذه الظاهرة، مسلطين الضوء على أدوات وأساليب عملية تجعل المواطن السعودي الحصن الأول ضد الإشاعات والحملات المغرضة.
«الإرجاف الإلكتروني» يعتمد بشكل أساسي على استغلال سرعة وسهولة انتشار المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل التصدي له يبدأ من المواطن نفسه، الذي عليه أن يتحلى بـ«المسؤولية الرقمية»، التي تفرض عليه التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها أو التفاعل معها، عبر الرجوع إلى المصادر الرسمية والموثوقة، مثل وكالة الأنباء السعودية «واس»، والحسابات الحكومية الموثقة.
ومن الضروري أن يتعامل المواطنون مع الحملات المعادية التي تستهدف المملكة بحكمة ووعي، دون الانسياق وراء الاستفزازات، بأن يكون الرد هادئًا، بعيدًا عن " اللغة العدائية"، حيث إن تلك الحملات تعتمد بشكل كبير على إثارة المشاعر، فعلى سبيل المثال، نشر فيديو عن افتتاح بار للخمور في السعودية، والحقيقة أنه لأحد المقاهي التي تبيع العصائر والمشروبات الفاخرة التي لا تحتوي على الكحول، والتي تباع في السوبرماركت منذ سنوات!، كما تستغل تلك الحملات الفعاليات الوطنية لتمرير أهدافها، مثل الترويج لمقطع فيديو يدعي أن فرقة غنائية في موسم الرياض استخدمت آيات من القرآن الكريم في أدائها، وهو ادعاء لا يمت للحقيقة بصلة، فالمملكة تحرص دائمًا على الالتزام بالقيم والمبادئ الإسلامية في جميع فعالياتها الثقافية والترفيهية، وقد تبين أن مصدر هذا الفيديو هو إحدى القنوات المجهولة على اليوتيوب التي تدمج آيات القرآن الكريم في الأغاني!
إذن، الرد على مثل هذه الشائعات يكون بأمرين:
الأول، الامتناع عن التفاعل مع هذه الحسابات حتى لا نسهم دون قصد في نشر الإشاعات أو تحقيق أهداف مروجيها.
الأمر الآخر: رفع مستوى الوعي، وتوضيح الحقيقة وراء كل شائعة، ما يساعد في تعزيز مناعة المجتمع ككل ضد الإشاعات.
ختامًا، مواجهة الإرجاف ليست مسؤولية الجهات الأمنية فقط، بل هي واجب وطني على كل مواطن سعودي، فمن خلال الوعي، والمناعة الفكرية والثقافية، والقدرة على التمييز بين الحقيقة والأكاذيب، والتحقق من المعلومات، والتصدي للحملات المعادية بحكمة، يمكن للمواطن السعودي أن يكون رجل الأمن الأول، فالوطن أمانة في أعناقنا جميعًا، وحمايته تتطلب منا اليقظة لتعزيز وحدته واستقراره، وضمان استمرارية مسيرته التنموية، في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد، حفظهما الله.