جيل الطيبين مصطلح شائع يستخدم لوصف فترة زمنية سابقة، وغالبًا ما ترتبط هذه الفترة بالطفولة والشباب، والتي يُنظر إليها بحنين شديد. ويتضمن هذا المصطلح مجموعة من الصفات الإيجابية التي يتمتع بها أفراد ذلك الجيل من العيش بحياة أكثر بساطة، ووجود علاقات اجتماعية أقوى، وقيم أخلاقية راسخة في النفوس من التديّن والصدق والوفاء والاحترام المتبادل، وروح التعاون والتكاتف التي كانت سائدة في المجتمع، قال الشاعر:

أرجع زمان الأمس من صفحاتي

ما أجمل الأيام بعد فوات


ذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها

دوماً إذا ذاق الفؤاد بأهات

زمن تولى من ربيع حياتنا

في ظله ما اجمل الاوقات

ولكن مع وجود هذه الصفات الإيجابية فهي ليس على العموم توافرها في المجتمع، ولا يمنع ذلك أيضاً من وجود جوانب سلبية وصعوبات في تلك الفترة من تفشي الفقر والأمراض وانعدام التعليم، وصعوبة الحصول على كثير من متطلبات المعيشة عند الناس، وأن ما يحصل لنا هو تغيير طبيعي فالمجتمعات تتغير باستمرار وليس بالضرورة يكون التغيير سلبيًا.

وإنّ الشعور بالحنين إلى الماضي وإلى هذا الجيل هو شعور إنساني عالمي يختلف من بلد لآخر ومن ثقافة لأخرى.

فمعظم الدول العربية شهدت تغييرات اجتماعية واقتصادية سريعة في العقود الأخيرة، ما أدى إلى شعور بفقدان الهوية واتساع الفجوة في العلاقات بين أفراد المجتمع لدى البعض، والخوف من المجهول والمستقبل غير المؤكد. هذا الشعور هو الذي يغذّي مصطلح «جيل الطيبين». وتمني العيش فيه.

وقد يُفضي الحنين إلى الماضي وتشوّق العيش فيه إلى أضرار: منها الشعور بالحزن والاكتئاب، والرغبة في العزلة، وصعوبة التكيف مع الحاضر و الاستمتاع بما فيه من تطور ورفاهية، فمن الواجب على كل فرد في المجتمع أن يتعلم من الماضي سواء كان جميلاً أم سيئاً. ولنتدبر قوله تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) الحديد (23)، أي كي لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا فإنه لم يقدر لكم ولو قدر لكم لم يفتكم، وقوله تعالى في حال الإنسان في حياته: (لقد خلقنا الإِنسان في كبد ) البلد(4) قال الحسن في تفسير الآية: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة وأن يقبل التغيرات التي تحدث، والتركيز على اللحظات الحالية، ومحاولة تكوين ذكريات جديدة مع بقية الناس، ولا نغفل عن ضرورة التمسك بالشريعة الإسلامية منهجاً وسلوكاً فهي السبيل الأمثل للتعايش مع المتغيرات بينهم. فإنها جاءت وافية بمطالب الحياة الإنسانية، تسد عوزها، وتحقق لها أهداف العمران في شتى جوانب حياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فالإسلام عقيدة وعبادة، وخلق وتشريع، وحكم وقضاء، ومسجد وسوق، وهو علم وعمل، ومصحف وسيف، وهذا هو ما نعنيه عندما نقول: «الإسلام دين ودولة».

اسأل الله الكريم من فضله أن يعم بلاد المسلمين بالأمن والأمان والخير والوفير أنه سميع مجيب.