وهناك أيضا من الشباب من أرهقهم التفكير، والبحث عن شريك حياة مناسب بالمعايير الدينية والخُلقية والحقوقية والمجتمعية ككل؛ شاب يتمنى زوجة صالحة وشابة تتمنى زوجا صالحا، لكن هل الشاب الذي يبتغي الصلاح والكمال في زوجة المستقبل هو صالحٌ بالأساس؟ والأمر نفسه ينطبق على الفتاة، فالمثل يقول: «قبل أن تبحث عن نصفك الآخر تأكد من أن نصفك الأول مكتمل ومستعد للنصف الثاني».
يغرق الكثير من شبابنا في علاقات عاطفية متعددة، عُذريةً - إن صح التعبير- كانت أو ماجنة، تجعلهم يعزفون عن الزواج أو يؤجلون فكرة الارتباط الشرعي السليم إلى أجل غير مسمَّى ليس لشيء سوى لأنهم فقدوا الأمان والثقة في المرأة بالنظر إلى تجاربهم الكثيرة، أو ربما لأنهم تاهوا في وحل العلاقات الجنسية المحرمة، وبالتالي باتت حاجاتهم الجنسية الغرائزية تُلبى دونما الحاجة إلى ارتباط شرعي يُثقل كاهلهم بمسؤوليات لها أول وما لها آخر.
ولم يعد الأمر مقصورا على الشباب فقط، بل تعدَّاه إلى الجنس اللَّطيف أيضا، حيث تستهتر الكثيرات بأحلى سنوات عمرهن بالركض وراء علاقات عاطفية غير واضحة المعالم، ولا تمانع الواحدة منهن في إقامة علاقات غرامية متعددة. وعندما يتعلق الأمر بشاب غني وبتاع شياكة، فإن المنافسة ستكون شرسة عليه، لأن الأمر هنا يتعلق بمن يصرف عليها ويحسسها بأنوثتها بالإغداق عليها بأثمن الهدايا وأحلى المشاوير، ومواكبة آخر صيحات الموضة، من لبس ومكياج وتسريحات شعر، وحتى طُرق المشي والحديث، ليظهرن وهن في كامل أنوثتهن وجمالهن.
لن أناقش معك عزيزي القارئ أسبابا أخرى لتأخر الزواج، لأن الأمر متشعب، وتتشعب معه ظروفه وأسبابه، وحتى طبيعته وتوقيته، ويحتاج ربما لمقالات قادمة بإذن الله.
لكن مسألة اختيار الزوج أو الزوجة الصالحة باتت ضرورةً تفرض نفسها بإلحاح في ظل التفسخ الأخلاقي الصارخ، وفي ظل تراجع أنظمة اجتماعية عديدة عن أدوارها الرئيسية المعهودة لها، وفي مقدمتها نظام الأبوة الذي كان بمثابة صمَّام الأمان في وجه كل من يحاول أن يمس أو ينتقص من سمعة وشرف العائلة.
حُسن اختيار الزوج أو الزوجة الصالحة يجب ألا يخرج عن أطره الدينية الأخلاقية والاجتماعية والقانونية الحقوقية. باختصار أن يكون لدى الطرفين النضج والوعي الكافيان لإقامة هذا الميثاق الغليظ الذي لا ينفك ما دامت الألفة والمودة والرحمة قائمة.
نسأل الله السَّلامة، وأن يوفقنا للحفاظ على ديننا، وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه.