الكوليرا تتمدد
أعلنت وزارة الصحة في ولاية النيل الأبيض عن انتشار وباء الكوليرا في مدينة ربك، بعد أن ضرب مدينة كوستي أولًا، وأسفر تفشي المرض عن وفاة 68 شخصًا، وإصابة أكثر من 1860 آخرين في غضون أيام قليلة، مع استمرار ارتفاع الأعداد في ظل الظروف الصحية المتدهورة، وعلى الرغم من إطلاق حملة تطعيم، إلا أنها لم تغطِ سوى 67% من المستهدفين حتى الآن، في وقت تعاني فيه المرافق الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وترجع السلطات انتشار الوباء إلى تلوث مياه الشرب، بعد أن دمرت إحدى القوات إمدادات المياه في كوستي خلال إحدى المعارك، ما أدى إلى أزمة صحية خطيرة. ورغم جهود الحكومة في إصلاح المحطة، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا للحد من تفشي المرض، خاصة مع استمرار نزوح السكان في ظروف معيشية تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة والسلامة الصحية.
معركة المدن
في الوقت الذي يكافح فيه المواطنون المرض والجوع والنزوح، يحتدم الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على المدن الاستراتيجية، حيث أعلن الجيش عن كسر حصار استمر لأكثر من عام على مدينة الأبيض، واستعادة السيطرة على عدة مواقع حيوية في ولايتي النيل الأبيض وكردفان، كما تمكن من طرد قوات الدعم السريع من معاقلها الأخيرة في المنطقة، في تطور عسكري يمنح الجيش الأفضلية في الحرب التي باتت تقترب من عامها الثاني.
وتعد مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، نقطة حيوية في الصراع، كونها مركزًا تجاريًا ونقلًا إستراتيجيًا يربط الخرطوم بنيالا.
وقد ظلّت تحت حصار قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية داخلها، حيث نفد الغذاء والدواء، وانهارت الخدمات الصحية، وازدادت أعداد النازحين الباحثين عن ملاذ آمن.
الموت البطيء
في ظل تصاعد العمليات العسكرية، يواصل الجنرالات التركيز على تحقيق المكاسب الميدانية، بينما يظل المدنيون في قلب الأزمة دون حماية أو إغاثة، ومع انهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية، يواجه السكان خطر الموت البطيء، سواء بسبب القتال أو بسبب تفشي الأمراض التي تتغذى على الفوضى وانعدام الأمن الصحي.
ورغم التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة، لا تزال الجهود الدبلوماسية متعثرة، ولم تفلح الوساطات الخارجية في وقف النزاع أو التخفيف من حدته.

كارثة إنسانية
ومع استمرار القتال وتفاقم أزمة النزوح، بات السودان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، ملايين السودانيين محرومون من الغذاء والمياه النظيفة، والمستشفيات تكافح لإنقاذ الأرواح وسط نقص كارثي في الأدوية والمعدات الطبية، أما المساعدات الإنسانية، فإما محاصرة بسبب المعارك أو غير كافية لسد الاحتياجات المتزايدة.
وتشير التقارير إلى أن موجات النزوح الجماعي باتت تخرج عن السيطرة، حيث يفر الآلاف يوميًا بحثًا عن ملجأ، في حين تتزايد المخاوف من انتشار الأوبئة، ليس فقط الكوليرا، بل أيضًا أمراض أخرى مرتبطة بسوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية. مستقبل غامض
بينما يواصل الجنرالات صراعهم على النفوذ، يبقى المدنيون هم الضحايا الحقيقيون، يُقتلون في المعارك، أو يموتون ببطء بسبب المرض والجوع. ومع غياب أي جهود جدية لإيجاد حل سياسي، وتراجع الاهتمام الدولي بمعاناة السودانيين، تبدو البلاد على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة.

أبرز النقاط التي تهدد المدنيين
استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في المناطق السكنية.
انتشار وباء الكوليرا بسبب تلوث المياه وانهيار النظام الصحي.
نقص حاد في الغذاء والأدوية بسبب الحصار وانعدام الإمدادات.
موجات نزوح جماعية في ظروف إنسانية قاسية وغياب الملاجئ الآمنة.
انهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
تفاقم أعمال العنف والانتهاكات بحق المدنيين بما في ذلك القتل والاغتصاب.
غياب أي حلول سياسية أو جهود حقيقية لإنهاء النزاع وحماية السكان.
تزايد خطر تقسيم البلاد وإنشاء حكومات موازية مما يطيل أمد الأزمة.
عدم وصول المساعدات الإنسانية بسبب المعارك والحواجز العسكرية.
تفشي أمراض أخرى بسبب سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية.