الحبّ ليس عبارةً تقال وتسمع، الحبَّ أسمى من ذلك بكثير، الحبِّ شعور من الأعماق وارتباط وجدانيّ وروح مشتركة. الحبِّ لا يقاس بالمسافة ولا بالقرب، يقاس باللَّهفة للمحبوب، الحبِّ إمَّا سكون بلا اضطراب أو اضطراب بلا سكون. الحبِّ أنَّ تأتي كلّك للمحبوب ولا يبقى منك فهو ليس مجرَّد كلمات تقال، بل تجربةً تعاش بكلِّ تفاصيلها. الحبُّ الحقيقيُّ انصهار الأرواح قبل الأجساد، وهو ذاك الشُّعور الَّذي لا تحدُّه المسافات ولا يقاس بالزَّمن، بل باللَّهفة والشَّوق. فالحبُّ إمَّا أن يكون سكينة تملأ القلب وطمأنينةً تريح الرُّوح، أو يكون اضطرابًا يأخذ الإنسان إلى أقصى درجات الشَّوق والجنون.

والحبُّ الصَّادق هو العطاء بلا حدود، أن تمنح ذاتك بكلِّ ما فيها، دون أن تبقى منك ذرَّة خارج دائرة المحبوب. والدُّكتور مصطفى محمود تناول الحبِّ من منظور عميق وفلسفيّ، وربطه بالرُّوح والعقل أكثر من كونه مجرَّد عاطفة سطحيَّة. من أشهر أقواله عن الحبِّ (الحبُّ هو أن تحبَّ الإنسان الوحيد القادر على أن يجعلك غير وحيد) يشير هنا إلى أنَّ الحبَّ ليس مجرَّد وجود شخص بجانبك، بل هو ذلك الشُّعور العميق بالألفة والطُّمأنينة مع شخص معيَّن.

(الحبُّ هو الجنون الوحيد المعقول في الدُّنيا) يصف الحبُّ بأنَّه حالة من التَّناقض الجميل، فهو جنون لكنَّه يحمل منطقة الخاصِّ الَّذي يتجاوز العقل أحيانًا الحبُّ الحقيقيُّ لا يطفئه حرمان، ولا يقتله فراق، ولا تقضي عليه أيُّ محاولة للهروب منه؛ لأنَّ الطَّرف الآخر يظلُّ شاخصًا في الوجدان يؤكِّد هنا أنَّ الحبَّ الصَّادق يبقى حيًّا رغم كلِّ الظُّروف، ولا يمكن أن يمحى بسهوله (السَّعادة الحقَّة في الحبِّ تشبه القمم، لا تتَّسع إلَّا لاثنين فقط. ) يرى أنَّ الحبَّ الحقيقيَّ لا يحتمل التَّدخُّلات الخارجيَّة، فهو علاقة خاصَّة بين شخصين فقط.


للحبِّ أهل، ولسنا أهله أبدًا

نحن الظَّلام الَّذي ما زاره قمر