منطقتنا هذه الأيام تمر بأخطر مرحلة سياسية، ما يستدعي وقف كل النزاعات والمهاترات، والوقوف صفا واحدا، لمواجهة المتغيرات على الساحة العربية بكل حزم، فهي مرحلة وعي وإدراك. لذلك، فإن الشارع العربي يأمل أن تصدر عن هذه القمة قرارات وليست بيانات شجب واستنكار وتنديد لا تصب في مصلحة القضية، وسوف تصدر عن هذه القمة قرارات، وموقف عربي موحد يحدد المسار الصحيح للسلام في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك طريقة واضحة للتعامل مع التهديدات التي تم إطلاقها أخيرا من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الإسرائيلي تجاه مصر والأردن، وقضية التهجير المعلنة لقطاع غزة.
كانت هناك مبادرات عربية طوال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كان آخرها مبادرة المملكة العربية السعودية (حل الدولتين) التي تم إعلانها في الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها التاسعة والسبعين في نيويورك. وفي المقابل، لم تتقدم إسرائيل طوال هذا الصراع بأي مبادرة سلام أبدا، ولم تقبل بأي حلول، وكان التعنت والإرهاب والتهجير والاحتلال هو عنوان لما تقوم به من أعمال طوال هذه الفترة.
وهنا أتحدث عن المملكة العربية السعودية، لأن الكل من في الوطن العربي يعقد الآمال على قيادة المملكة، وما تذهب إليه في قراراتها لحل الصراعات في الساحة الدولية، وخاصة على مستوى الوطن العربي، حيث ضحّت بكثير من علاقاتها مع الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل العرب ودعم القضايا العربية، وآخر ذلك ردها الصارم والحازم لفكرة الرئيس الأمريكي ترامب حول تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر، وتحويل غزة إلى منتجع سياحي يستمتع به الجميع، على حد قوله!
وفي هذه القمة تحضر المملكة العربية السعودية، وهي التي تملك مفاتيح النجاح لهذه القمة بما تملكه من مكانة عربية وإسلامية وعالمية سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
وقد يرى المتابع العربي أن هناك خيارات إستراتيجية عربية للتعامل مع هذه القضية والتهديدات المرافقة خلال هذه القمة المرتقبة، التي منها:
أ- الخيارات الدبلوماسية:
1. الرفض بشكل قاطع أي عملية تهجير قسري لسكان غزة، مع تأكيد مشروعية الحق الفلسطيني في الأرض.
2. تعزيز العلاقات مع القوى الدولية (روسيا والصين والاتحاد الأوروبي) وغيرها، للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل العدول عن تلك التهديدات، والالتزام بالقانون الدولي، وتنفيذ القرارات الدولية في هذا الخصوص.
3. حشد دعم دولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وتجريم كل التهديدات التي لا تنم عن رؤية سياسية محبة للسلام.
4. تقديم شكوى أمام محكمة العدل الدولية، وكذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية لكل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، من قتل ودمار وتهجير وابادة، واحتلالها الأراضي العربية في سوريا ولبنان أخيرا.
5. تشكيل لجنة عربية لبحث التطورات المتعلقة بغزة، ومن مسؤولياتها التنسيق مع المنظمات الدولية، ومتابعة تنفيذ القرارات.
6. دعم السلطة الفلسطينية، لتعزيز حضورها الدولي في المحافل الدولية.
7. العمل على توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسامات الداخلية لضمان موقف فلسطيني موحد ضد التهديدات.
8. تنسيق المواقف المنبثقة من القمة العربية مع الدول الإسلامية، لتشكيل تحالف سياسي داعم للقضية الفلسطينية والدول العربية والإسلامية ضد أي تهديدات مستقبلية.
9. إعادة طرح مبادرة السلام العربية كورقة ضغط على إسرائيل، وربط أي علاقات قد تنشأ فيما بعد بتنفيذ بنود تلك المبادرة.
10. تعليق العمل باتفاقية السلام «كامب ديفيد» مع مصر واتفاقية السلام «وادي عربة» مع الأردن.
11. تعليق العمل بالاتفاقيات الإبراهيمية بين الدول العربية وإسرائيل.
12. تعليق المحادثات التي تبحث اتفاقيات تطبيع مستقبلية مع الكيان الإسرائيلي.
ب- الخيارات الاقتصادية:
1. المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وفرض عقوبات اقتصادية على الشركات الداعمة السياسات الإسرائيلية، ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية في الأسواق العربية.
2. تعزيز التجارة العربية الفلسطينية بتسهيل تصدير واستيراد المنتجات من وإلى فلسطين.
3. استخدام النفط والغاز للضغط على الدول الداعمة إسرائيل، لتغيير مواقفها.
4. إعفاء جمركي للمنتجات الفلسطينية في الأسواق العربية.
5. إنشاء صندوق عربي، لدعم إعمار غزة.
ج- الخيارات الأمنية:
1. تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك العربية.
2. إجراء مناورات عسكرية للدول العربية في الدول المجاورة لفلسطين.
3. طلب نشر قوات أممية (حفظ السلام) في قطاع غزة، لحماية المدنيين.
الخيارات الإعلامية:
1. إطلاق حملة إعلامية دولية توضح خطر التهجير القسري على المستوى الإنساني والدولي، وتأكيد مخالفته القوانين والأعراف الدولية.
2. حث الآلة الإعلامية العربية على تسليط الضوء على ما يحدث في غزة، من قتل وتدمير وتهجير ومعاناة مستمرة، وإبرازه لشعوب العالم.
بعد ذلك السعي إلى عقد قمة إسلامية طارئة، وتوحيد الرؤى العربية مع الرؤى الإسلامية، للوقوف صفا واحدا ضد تلك التهديدات التي تؤدي الى الأخلال بالأمن القومي العربي والعالمي.
التهديدات غير المسؤولة والاحتلال والتهجير والأعمال العدائية لا تحتاج إلى دبلوماسية أحيانا، بل إلى قوة ردع ابتداء بتسجيل المواقف الصامدة والرافضة الأفكار المتطرفة، وانتهاء بتنفيذ الأفعال الرادعة.
قمة عربية منتظرة نتوقع منها الكثير من القرارات التي تخدم مصالح الأمة العربية والإسلامية في مرحلة تاريخية صعبة.
حفظ الله بلادنا وقادة شعوبنا، وسددهم لما فيه خير الأمة.