نواجه في حياتنا مشاكل وعقبات تعيقنا عن تحقيق أحلامنا أو رغباتنا، ونحاول مرارًا بشتى الطرق التغلب عليها وتحقيقها ولكن قد يفشل البعض في جميع المحاولات ويعجز، وقد ييأس، ولكن بعد أن يلجأ إلى الدعاء يُستجاب له، والقصص الواقعية كثيرة وشاهدة على ذلك، ولا شك في الله، فقد أمرنا تبارك وتعالى بالدعاء ووعدنا بالإجابة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غافر: 60]

‏ورد في القرآن الكريم ثلاثة من الأدعية المستجابة لثلاثة من الأنبياء، وهم: نبى الله أيوب، ونبى الله يونس (ذا النون)، ونبى الله زكريا، وأعقب الله تلك الأدعية الثلاثة في القرآن الكريم بعبارة (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ)، وتلك الأدعية وردت في سورة واحدة هي سورة الأنبياء وجاءت متقاربة في ترتيبها في السورة لتصبح في صفحة واحدة من صفحات المصحف.

‏والدعاء الأول الذي أعقبه الله بالاستجابة كان لنبى الله أيوب: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين) [الأنبياء:83-84]. لاحظ قوله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ).


‏وثانى الأدعية التي أعقبها الله بالإجابة كان لنبى الله يونس (ذا النون): «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» [الأنبياء:87-88] تدبر قوله: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ».

‏وثالت تلك الأدعية التي أعقبها بلفظ «فَاسْتَجَبْنَا» كان دعاء نبى الله زكريا: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء:89-90] تأمل قوله سبحانه: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ».

‏وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال أيضًا عزَّ وجلَّ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].

‏ وأفضل الأوقات المستجاب فيها الدعاء، في السجود، وبين الأذان والاقامة، ويوم عرفة، وفي الثلث الأخير من الليل، وغيرها.

‏ورد في الحديث «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له...». تأمل «من يسألني فأعطيه».

إن استشعار أن (الله أكبر) من جميع مشاكلنا التي تواجهنا، هذا هو مفتاح حل المشاكل، وأننا لن نحزن أبدًا طالما أن الله معنا، فقد وقع في غار ثور لما اختفى الرسول- صلى الله عليه وسلم -وصاحبه أبوبكر- رضي الله عنه- إذ يقول لصاحبه إذ هما في الغار،{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة 40] وذلك لما جاء المشركون في طلبهما ووقفوا على الغار فقال أبوبكر يخشى على الرسول - صلى الله عليه وسلم –: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا. فقال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» فعند ذلك أخذ الله أبصار المشركين فلم يروا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبهُ أنهم وقفوا عليهم في الغار وهذا من قدرة الله سبحانه وتعالى.