يؤدي حراس الأمن في الأسواق السعودية دورًا محوريًا في حماية العائلات، وضمان سلامة المنشآت التجارية. مع ذلك، فإن أوضاعهم الوظيفية لا تزال تعاني تحديات كبيرة. وعلى الرغم من أن أعدادهم قد تتجاوز 200 ألف فرد، لكن أوضاعهم صعبة، من ضعف الرواتب وغياب الحوافز الكافية وضعف التأهيل والتدريب. كما يجد هؤلاء العاملون أنفسهم في بيئة عمل مرهقة، لا تضمن لهم الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي.

وعلى الرغم من المبادرات الحكومية التي رفعت الحد الأدنى للرواتب إلى 4.500 ريال، ليُحتسب ضمن نسب التوطين، فإن هذا المبلغ يظل غير كافٍ لتأمين حياة كريمة، خاصة في المدن الكبرى التي تشهد ارتفاعًا حادًا في تكاليف المعيشة، بما في ذلك الإيجارات والمصاريف الأسرية والتعليم والمواصلات، فضلًا عن صعوبة تملك المساكن بسبب ضعف القدرة الشرائية.

ومع تسارع وتيرة التطور الاقتصادي الذي تشهده المملكة في ظل رؤية 2030، يزداد الطلب على خدمات الحراسات الأمنية، مما يجعل إعادة هيكلة هذا القطاع أمرًا ضروريًا، لضمان استدامته وجاذبيته للمواطنين، فالاستثمار في تحسين ظروف العمل، وزيادة الرواتب، وتقديم الحوافز، وتطوير البرامج التدريبية، لن يسهم فقط في تحسين مستوى الأداء الأمني، بل سيعزز كذلك من استقرار القوى العاملة الوطنية في هذا المجال.


إستراتيجيات عالمية لحل المشكلة

يمكن الاستفادة من تجارب عالمية أخرى واجهت تحديات مماثلة، ومن أبرز الحلول التي أثبتت نجاحها:

أ- تحسين الأجور والمزايا المالية

• فمثلا يتم تحديد الحد الأدنى لأجور حراس الأمن بناءً على متوسط تكاليف المعيشة في كل مدينة، مما يضمن لهم مستوى معيشيًا لائقًا.

• تقديم علاوات إضافية على ساعات العمل الليلية أو العمل في المناطق العالية الخطورة.

ب- التدريب والشهادات المهنية

• يتم تصنيف حراس الأمن وفقًا لمستويات تدريبية، حيث يحصلون على تراخيص متقدمة تتيح لهم التخصص في مجالات معينة، مما يرفع من قيمتهم المهنية، ويضمن لهم رواتب أعلى.

• يمكن تطبيق نظام تدريبي مشابه في السعودية، بحيث يُتاح للحراس الحصول على شهادات احترافية، تعزز فرصهم في الترقية، والحصول على مزايا إضافية.

ج- إدخال التكنولوجيا لتعزيز كفاءة القطاع

• في بعض الدول يتم تزويد حراس الأمن بتقنيات متطورة، مثل الذكاء الاصطناعي، والمراقبة الذكية، والروبوتات المساعدة، مما يقلل من الأعباء الجسدية عليهم، ويزيد من فعاليتهم، ويؤدي بالتالي إلى تحسين بيئة العمل، وجعلها أكثر جذبًا للكفاءات الوطنية.

د- برامج الحوافز والاستدامة الوظيفية

• تطوير برامج تضمن لحراس الأمن ترقيات دورية ومزايا تأمينية وصحية محسّنة، ما يقلل من معدل التسرب الوظيفي، ويضمن استقرار القطاع. وقد يكون هناك دعم حكومي من زوايا عدة، ليس فقط دعم نصف الراتب، كما في بعض الحالات، ولكن هناك دعما تدريبيا ودعم ميزات، وأيضا دعما سكنيا، ودعما من خلال القروض إلى آخره.

ومع تنامي الحاجة إلى قطاع الحراسات الأمنية في المملكة، فإن تحسين أوضاع العاملين فيه لم يعد مجرد مطلب وظيفي، بل أصبح ضرورة اقتصادية وأمنية. ومن خلال تبني إستراتيجيات فعالة، مثل تحسين الأجور وتعزيز التدريب وتوظيف التكنولوجيا، يمكن للقطاع أن يتحول إلى بيئة عمل جاذبة، تضمن الاستقرار الوظيفي، وتحقق الأمن والاستدامة والسلامة في الأسواق السعودية.