لكن يبقى السؤال المهم هو من يعمل هذا التخطيط؟ الاعتماد على شركات خارجية للتخطيط الإستراتيجي يمكن أن يكون خيارًا فعالًا لعديد من المؤسسات لتحقيق أفضل النتائج إذا تم تنفيذه بطريقة مدروسة. لما لهم من خبرة متخصصة، فالشركات الخارجية تمتلك خبراء متخصصين ولديهم خبرة في العمل مع مجموعة متنوعة من المؤسسات، مما يضيف قيمة من خلال توفير رؤى وأفكار جديدة. كما أن الشركات الخارجية تقدم وجهة نظر محايدة وغير متأثرة بالثقافة الداخلية للمنظمة، مما يساعد في اتخاذ قرارات أكثر موضوعية. فيمكن أن يكون الاعتماد على شركات خارجية للتخطيط الإستراتيجي للمنشآت والجهات المختلفة خيارًا مثاليًا إذا كان اختيارا بعناية وضمن إستراتيجية واضحة تُوازن بين الاستعانة بالخبرات الخارجية وتطوير القدرات الداخلية للمؤسسة.
لكن ما لاحظته مؤخرا أن هناك سمعة مخدوشة وثقة مهزوزة في المجتمع كل ما مر علينا مسمى (شركة خارجية أو مستشار خارجي) فمن أين أتى هذا الانطباع؟ الاعتماد على شركات خارجية للتخطيط الإستراتيجي قد يكون مفيدًا في عديد من الحالات كما ذكرت سابقًا، لكنه ليس خاليًا من السلبيات والتحديات. فبخلاف قلة الفهم العميق لثقافة المنظمة والتكاليف المرتفعة وعدم الالتزام بالتنفيذ وفقدان الاستقلالية وتحديات الثقة والسرية من حيث مشاركة بيانات حساسة مع شركات خارجية قد يعرّض المؤسسة لأخطار تسريب المعلومات أو استغلالها.
تأتي بعض الشركات بحديث مقنع ظاهريًا، وجوهريًا يخدع، وفرد عضلات في العروض وشرائح تجعل الأعين تنبهر من تصميمها المتقن وتنسى المحتوى. لن أبالغ لو قلت إن بعضهم يستخدم العروض نفسها لجميع عملائه فقط مع تغيير المقدمة والشعار والألوان. أما الكلام الإنشائي فهو موحد. الجهد الوحيد المبذول، الذي لا يشكرون عليه، هو اجتماعات شكليه مع إدارات مختلفة بداية العام ثم يختفون باقي السنة وبعد انتهاء العقد مع الشركة الخارجية، تتوقف المؤسسة عن العمل على الخطة نتيجة غياب التوجيه أو الإشراف المستمر.
على الرغم من الفوائد الممكنة فإن الاعتماد على شركات خارجية للتخطيط الإستراتيجي أزعم أنه خطوة ستتغير في المستقبل القريب، بسبب الثقافة المؤسسية، والتنفيذ. لذلك، يجب التعامل مع هذه الشركات بحذر، مع ضمان التكامل بين الرؤية الداخلية والخبرة الخارجية.