«في الظلام تضيق الرؤيا وتتسع الأفكار» لأدري لمن هذه المقولة، ولكني تذكرتها وأنا أسمع حواراً دار بين الروائي السعودي الصاروخ أسامة المسلم وخالد مدخلي في برنامجه الجميل- نسيت اسمه - وخالد هذا، انطلق بعقله وقدميه نحو التميز الإعلامي، وكلا الاثنين شقا طريق النجومية والإبداعية من الصفر.

نعود إلى الظلام الحسي، ونعوذ بالله من المعنوي، فصاحبنا المسلم له طقوس متعددة في كتاباته الروائية، لا يكتب إلا في غرفة مظلمة، حيطانها سود، مع إضاءة لا مناص منها وهي شاشة تعكس تلك الأفكار والخيالات التي تنمو وتتسع في هذا الظلام، وزامر الحي لا يطرب، فشهرة أسامة انطلقت من المغرب الأقصى، ومن الجنوب الشرق الأقصى كذلك، واسأل الصينيين عن روايته «بساتين عربستان»، ثم أقبل عليه أهيل الحي.

ولأسامة حوار جميل مع الثقافية قال فيه «ويجب أن ندرك ونؤمن أن النقص في بعض الأحيان هو جمال في حد ذاته، وليس كل ما هو مكتمل ومثالي يكون جميلاً، فالقمر جميل في كل حالته سواء كان ناقصاً أو مكتملاً، والعيون التي في طرفها حور هي أشد جاذبية وجمالاً من العيون السليمة، القصد يجب أن نفهم أن قولبت الأساليب بشكل واحد ومحدد لا يجب الخروج عنه يحرمنا التفرد والتميز، ويجب أن ندرك أن بعض النقص جمال والجمال يأتي من الاختلاف».


ولمنصة «إثراء» قطعة نثرية أدبية راقصة، حول ما يصنعه الظلام «ما يمكنه الظلام ويعجز عنه الضوء».

منذ قديم الأزل، عاش أسلافنا هذه المشاعر بشكل يومي، وورثناها منهم في جيناتنا حتى بعد اكتشاف الكهرباء، ولهذا تتفاعل أجسادنا اليوم بطريقة مختلفة في ليالي اكتمال القمر عنها في الليالي الأكثر عتمة. ففي ظل عدم رؤيتك لما يحيط بك، تتغير نوعية تصرفاتك، فتتخذ مثلاً نبرة مختلفة في الحديث مع من حولك. وربما تتغير أيضاً طريقة تفكيرك حسب طبيعة الموقف، فإما أن يوسع الظلام مخيلتك ويمنحك مزيداً من الحرية والانطلاق، أو يقيدك فيكسبك مزيداً من التركيز والحذر. وأبعد الله عنا وعنكم «متلازمة النيكتوفيليا».