من حق الغرب، كل الغرب، ومن حق كل من تحالف مع أبناء الغرب ومن أحبهم، أن يبتهجوا ويستقبلوا العام الجديد بالأفراح والأنوار، والطرب والرقص، والعبث واللهو، لكن لا يمكن لكل من يمتلك أدنى مشاعر إنسانية، ولطفًا وطيبًا ورقيًا، أن يفعل مثل ذلك وإخوته في الإنسانية في بقية أنحاء العالم يتعرضون، لأهوال وفظائع، تشيب لهولها الولدان، أما أن يفعل مثل ذلك، أو قريبًا منه، بعض العرب، وحال أهلها كالذي نعرفه، فهذه كارثة الكوارث، وأمر فظيع، بشع شنيع، ومروع. أهلنا في غزه أحرقوا ودفنوا تحت الأنقاض، ومن لازال على قيد الحياة، بات بلا مأوى، تحت البرد القارس، والثلوج والمطر يتساقطون جوعًا وبردًا ومرضًا وقهرًا، أي حال أكثر إثارة للخوف، والفزع والهلع، والصدمة، من هذا الحال، وحال أهلنا في اليمن وليبيا ولبنان كالذي نعرفه، أن عدم تعاطف العرب مع، بعضهم البعض، يعكس حالة مفزعه ومروعه، تشجع أصغر أعداء العرب، وأضعفهم على اقتراف المزيد من الجرائم بحقهم، وسلبهم المزيد من حقوقهم، وانتهاك كرامتهم واستقلالهم، وسيادتهم. كما بدأنا نسمع في سورية، تكرر نغمة ضرورة إشراك كل مكونات الشعب السوري من سنة وشيعة وكرد ومسيح في الحكومة، ونخشى أن يتكرر الحال الذي حصل في لبنان والعراق، في سورية، عقب تكرر سماع تلك النغمة فيهما، لقد أصبح المواطن العربي يبغض سماع تلك المفردات لهول ما حصل له، بعد شيوع استخدامها. نتمنى أن نتفادى ذكر مثل ذلك، ونتحدث عن ضرورة إشراك كل أهلنا السوريين في صياغة الواقع الجديد وتشكيل الحكومة، لقد شاهدنا في عالمنا العربي، شيوع ظاهرة، سهولة إطلاق عنوان القائد على أعداد كثر، لا تعد وتحصى، على كل من شارك في العملية السياسية، أو انتمى لحزب أو كل رئيس حزب أو كتله وحتى على من مارس السرقة والخطف والقتل والإجرام، ولو كانوا قادة بالفعل، لما وصل الحال لما وصل إليه، نعم بات العربي لا يستسيغ سماع هذا العنوان، بعد أن خلع على الأسد الهارب الذي اقترف، أبشع وأقذر المجازر بحق أهلنا السوريين، وباع الوطن وأهله لأخطر أعداء سورية والأمة.
نتمنى لقادة سورية الجدد كل التوفيق والنجاح، خصوصًا، وقد سمعنا منهم كل ما يبعث على الوحدة، والتعاضد والتكاتف، والتواضع، ونبذ كل ما يفرق بين أبناء ليس سورية لوحدها، بل والأمة والإنسانية جمعاء، مثلما كانت الرسالة الإسلامية للبشرية جمعاء، وندعو الله مخلصين، أن يحل السلام ويسود، الأمن والاستقرار، في كل بلاد العروبة والعالم، وتخمد نار كل الحروب، حيثما كانت، ويحل بديلا عنها البناء الحقيقي، والنهضة الحقيقيه، والرخاء والتقدم، والتطور، لكي يستقبل العالم كل العالم، كل عام جديد بالأفراح والأنوار والمسرات ذاتها.