في قلب محافظة بارق، وسط طبيعتها الساحرة وتاريخها العريق، يقف " جبل قتروي" شامخاً كحارس أمين على أسرار الزمن وأحداثه الغابرة.

هذا الجبل يشكل رمزاً يتجاوز كونه كتلة صخرية صامتة؛ بل هو شاهد حي على حضارة بارق الممتدة، وحكايات أجيال تعاقبت في ظلاله، وسكنت سفوحه.

يتوسط جبل قتروي تضاريس بارق، حيث يبدو كأنه لوحة فنية منحوتة بأيدي الزمن.


سفوحه تتوشح باللون الأخضر في مواسم الخصب، ويزدان بحكايات ينقلها الكبار عن بطولات الماضي وأحداث صنعت جزءاً من ذاكرة المنطقة.

من قمة الجبل، تستطيع أن تشهد منظراً بانورامياً خلاباً يغمر النفس بالسكينة، بينما تمتد عيناك لتلتقط تفاصيل الطبيعة الساحرة التي تحيط به.

يحمل جبل قتروي في طياته أحداثاً تاريخية لم تُكتب كلها، لكنها تُروى في المجالس ويُقال إنه كان ملاذاً للأهالي في أوقات الأزمات، وشاهداً على معارك تاريخية دارت في أودية بارق. كما يشير البعض إلى وجود آثار وكتابات قديمة على صخوره، ربما تحمل دلالات عن حضارات سكنت المنطقة قبل قرون.

لجبل قتروي مكانة خاصة في قلوب أهالي بارق فلا يتوقف الإلهام عند تضاريسه الطبيعية، بل يشكل رمزاً للصمود والقوة. ارتبطت به كثير من الحكايات الشعبية، مثل قصص الصيد ورحلات الاستكشاف التي كان يخوضها الشباب قديماً، وصولاً إلى أمسيات السمر التي تجمع الناس على بعض قممه وفي سفوحه، حيث تختلط أصوات الضحكات مع أنغام الطبيعة.

في ظل اهتمام الدولة، حفظها الله، بتنمية السياحة، يمكن أن يكون جبل قتروي نقطة جذب فريدة، حيث يمكن تطويره ليصبح وجهة لعشاق المغامرات وهواة التاريخ، مع مسارات تسلق مهيأة وإضاءات تضفي جمالاً على ليالي الجبل. كما يمكن إنشاء مركز صغير للزوار، يُعرّف بتاريخ الجبل وطبيعته، ويعرض الحكايات التي عاشتها المنطقة تحت ظله.

يبقى جبل قتروي أكثر من تضاريس شاهقة أو معلم طبيعي، إنه كتاب مفتوح على الماضي، ونافذة تطل على جمال الحاضر، وحلم يتطلع إليه مستقبل بارق. بين شموخه وصمته، يظل حارساً لأسرار لا تنطق بها الحجارة، لكنها تبقى في ذاكرة الأرض وأهلها، تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.