ويوضح استشاري الأعصاب الدكتور ثامر إسحاق، أن «مرض التصلب المتعدد هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، وتحديدا الدماغ والحبل الشوكي، ويهاجم الجهاز المناعي الغلاف الواقي للأعصاب (المايلين)، مما يؤدي إلى تلف الأعصاب واضطراب الإشارات العصبية».
وأضاف «يعاني المصابون بالتصلب المتعدد مجموعة من الأعراض تختلف حسب شدة المرض ومكان تلف الأعصاب».
معاناة جسدية
يؤكد إسحاق أن «هناك أعراضًا جسدية للمرض تتمثل في التعب المزمن الذي يعد من أكثر الأعراض شيوعًا، حيث يشعر المريض بإرهاق شديد يؤثر على الأنشطة اليومية ويسبب مشاكل الحركة مثل ضعف العضلات، وصعوبة في التوازن، وتشنجات عضلية وآلام مزمنة، كما يعاني المريض من آلام في العضلات أو الأعصاب ومشاكل البصر مثل ازدواجية الرؤية أو فقدان البصر الجزئي أو الكلي في بعض الحالات، وكذلك اضطرابات المثانة والأمعاء؛ مثل صعوبة التحكم أو الإفراغ، والشعور بالتنميل أو الوخز في الأطراف أو أجزاء مختلفة من الجسم». أعراض نفسية وعاطفية
يشير استشاري الطب النفسي الدكتور علي شاكر إلى أن «المعاناة النفسية والعاطفية هي أكثر ما يصيب مرضى التصلب المتعدد، وعلى رأسها الاكتئاب والقلق نتيجة تأثير المرض على نوعية الحياة وصعوبة التكيف مع التغيرات والشعور بالعزلة بسبب عدم القدرة على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية بشكل طبيعي والتقلبات المزاجية التي قد تكون ناتجة عن تأثير المرض أو الأدوية المستخدمة، فنجد أن كثيرين بحاجة ماسة إلى دعم نفسي، ولكن هناك من لا يقدر على دفع تكاليف عيادات الطب النفسي، ولذلك لا بد للمرضى من التوجه إلى مستشفيات وزارة الصحة التي أتاحت العلاج بالمجان للجميع، وعدم الإهمال في متابعة الطبيب النفسي، لأن للجانب النفسي دورًا كبيرًا في العلاج».
وأضاف «يعد الدعم النفسي لمرضى التصلب المتعدد جزءًا أساسيًا من خطة العلاج الشاملة، إذ يسهم في تحسين جودة حياة المرضى ومساعدتهم على التكيف مع التحديات المرتبطة بالمرض، ومنها:
1ـ التثقيف النفسي:
فهم المرض وأعراضه وتأثيره على الحياة اليومية يساعد المرضى على تقبل حالتهم. ويمكن تنظيم جلسات تثقيفية مع أطباء أو مختصين نفسيين لشرح المرض وكيفية التعامل معه، كما يمكن أخذ الاستشارات النفسية ويمكن أن تساعد جلسات العلاج النفسي (مثل العلاج السلوكي المعرفي) المرضى على التعامل مع القلق، أو الاكتئاب، أو التوتر. وهذه الجلسات قد تساعد أيضًا على تحسين صورة الذات وتعزيز الثقة بالنفس، كما أن هناك مجموعات داعمة يمكن للمريض الانضمام إليها، وهي تضم مرضى آخرين يمكنهم تبادل الخبرات، ما يساعد المرضى على الشعور بأنهم ليسوا وحدهم. المجموعات توفر بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر والمخاوف».
2ـ تشجيع الممارسات الإيجابية:
على المرضى ممارسة الرياضة الخفيفة، مثل اليوغا أو المشي، لتحسين المزاج وتقليل التوتر والانخراط في هوايات وأنشطة ممتعة لتحسين الحالة النفسية، ولا بد هنا من دعم الأسرة والأصدقاء وإشراك العائلة في عملية الدعم النفسي بما يساعد على تقوية العلاقات، ويمنح المريض شعورًا بالانتماء، مع توفير الدعم العاطفي دون الإضرار باستقلالية المريض.
3ـ التقنيات الاسترخائية:
لا بد للمرضى من تعلم تقنيات التنفس العميق، أو التأمل، أو الاسترخاء الذهني للمساعدة في تقليل مستويات التوتر والتواصل مع مختصين والمتابعة مع أطباء نفسيين أو مستشارين متخصصين في الأمراض المزمنة للحصول على الدعم المستمر.
ارتباط بالتصلب المتعدد
يجمع كثير من المستشارين النفسيين على أن الاكتئاب يعد من أبرز الأعراض النفسية المرتبطة بالتصلب المتعدد، وذلك نتيجة تغيرات بيولوجية في الدماغ أو تأثير جانبي لبعض الأدوية، مثل الستيرويدات، وهو يشمل أعراضًا مثل الحزن المستمر، وفقدان الاهتمام، واضطرابات النوم والشهية، والشعور باليأس والقلق المرتبط بعدم اليقين حول مسار المرض وتقدمه، وقد يظهر القلق في صورة نوبات هلع أو قلق عام بشأن المستقبل، وكذلك اضطرابات المزاج الحادة لتأثير المرض على مناطق معينة في الدماغ إلى جانب التعب النفسي العصبي والتعب المزمن الذي يعد عرضًا شائعًا، ويمكن أن يكون مرتبطًا بالإجهاد النفسي وقلة الطاقة، ويؤثر بشكل كبير على القدرة على التركيز وأداء الأنشطة اليومية. وكذلك اضطرابات معرفية مثل ضعف في الذاكرة، وصعوبة في التركيز، ومشاكل في حل المشكلات، وقد يؤدي ذلك إلى شعور بالإحباط والانعزال، وأيضًا اضطراب ما بعد الصدمة.
تحديات اجتماعية
يوضح أبو أحمد، وهو مصاب بالتصلب المتعدد أن من «بين التحديات التي تعرضت لها فقدان العمل بسبب الإعاقة الناتجة عن المرض، حيث صرت غير قادر على الحركة، وهنا شعرت بالحاجة إلى الدعم المستمر، وأصبت بما سماه الطبيب الاكتئاب».
وأشار إلى أنه لم يتم تشخيص مرضه في بداية إصابته بشكل صحيح، ولكن بعد تطور الحالة أصبح غير قادر على الحركة فتم تشخيصه بالتصلب المتعدد.
وأوضح «بداية كنت أتردد على الأطباء على نفقتي الخاصة، لكن تكاليف الأدوية كانت باهظة وتصل إلى 3 آلاف ريال، لذا لجأت إلى مستشفى تابع لوزارة الصحة».
واشتكى من أنه لا يجد دعمًا من الأسرة ولا الأصدقاء.
أما عادل عبدالخالق، وهو مصاب بالتصلب المتعدد أيضًا فيشير إلى أنه يعاني من تأثيرات الأدوية والعلاجات، فبعض الأدوية المستخدمة لتخفيف الأعراض أو تقليل الانتكاسات تسبب آثارًا جانبية مثل الغثيان أو التعب الإضافي وعدم توفر العلاج الشافي.
ويقتصر العلاج على التحكم بالأعراض وإبطاء تقدم المرض، ولكن لا بد من تبني نمط حياة صحي يتضمن التغذية السليمة، والتمارين الرياضية الخفيفة، وتقنيات إدارة التوتر، والمشاركة في مجموعات دعم المرضى لتبادل التجارب والشعور بالتضامن.