تتزايد المقاهي والمطاعم التي تقدم الأرجيلة (الشيشة)، وعدد كبير منها مهيأ لاستقبال العائلات وإحياء المناسبات الخاصة. لكن الملاحظ وجود حالة من التساهل في حضور الأطفال هذه الأماكن بصحبة عائلاتهم والبقاء لساعات في بيئات يفترض أنها مخصصة للبالغين.

السماح بوجود الأطفال في هذه الأماكن له انعكاسات وآثار سلبية لعل أخطرها ما يتعلق بالضرر الصحي المتمثل في (التدخين السلبي)، وهو ما يتعرض له الطفل جراء استنشاق كميات من الدخان الذي يحتوي على مواد ذات تأثير ضار، سواء كان هذا الضرر مباشراً أو على المدى البعيد.

أما على الصعيد النفسي، فإن تكرار مشاهدة الطفل المدخنين يشكل لديه «القدوة» أو المثال المقبول، فيصبح أكثر ميلاً للتدخين مستقبلاً وربما يدفعه الفضول للتجربة في عمر مبكر.


من جهة أخرى، فإن كثيراً من هذه الأماكن يقصدها البالغون، وقد تدور في أجوائها أحاديث لا تناسب الأطفال. حتى وإن اعتقدنا أن الطفل لا يفهم كثيراً مما يقوله الكبار فلنعلم أنه يختزن ما يسمع ثم يستعيد الأفكار لاحقاً و يتأثر بها نفسياً وسلوكياً بأشكال غير متوقعة.

وجود الأطفال في أماكن التدخين مسؤولية مزدوجة يقع جزء كبير منها على الأهل، فيتوجب أن يكونوا أكثر حرصاً على سلامة أطفالهم، وهم في الواقع غير مضطرين فالحال أن البدائل كثيرة جداً. كما يقع الجزء الآخر على القوانين والتنظيمات التي يجب أن تكون ملزمة لأصحاب هذه الأماكن بمنع دخول الأطفال أو على الأقل تخصيص أماكن لغير المدخنين توجه له الأسر المرافقة لأطفالها.

الطفل أمانة لدى أبويه ومجتمعه، وأرى أن هذه الظاهرة السلبية شكل نموذجي من الإهمال والتفريط في حقوق الطفل لا يعذر عليه المسؤول سواء كان الأب أو صاحب النشاط التجاري أو المنظم. كما لا يمكن تلافي آثاره بعد أن تحدث. إضافة لتعارض هذه الظاهرة مع جودة الحياة الاجتماعية التي تفترض سلامة الممارسات الفردية في الفضاء العام.